للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابْنُ بَازٍ رحمه الله: مُصْفَحٌ وَمُصْفِحٍ، هَذَا أَظهَرُ، يَعنِي: ضَربَهُ بِالحَدِّ.

فِي اللَّفظِ الآخَرِ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ» (١)(٢) على نِفسِهِ، فهُوَ سُبْحانَهُ يُحبُّ العُذرَ، وَلِهذَا بَعثَ الرُّسُلَ وَأَنْزلَ الكُتُبَ؛ لِإقَامَةِ الحُجَّةِ وقَطعِ المَعْذرَةِ، وَلَا أَحدَ أَحبُّ إِليْهِ العُذرُ مِنَ اللهِ، وَلِهذَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَشَرعَ لِعِبادِهِ أنْ يَحْمَدُوهُ، وُيُثنُوا عَليْهِ، وَيَشْكرُوهُ؛ لِكَمالِ عَدلِهِ، وَكَمالِ حِكْمتهِ، وَكَمالِ إِحْسانِهِ وَجُودِهِ وَكَرمِهِ، فهُوَ أَهلٌ لِكلِّ ثَنَاءٍ وَكُلِّ حَمْدٍ.

وَلَا أَحدَ أَغْيرُ مِنهُ؛ أنْ تُنْتهكَ مَحَارِمهُ، وَلِذلِكَ حَرَّمَ الفَواحِشَ مَا ظَهرَ مِنْها وَمَا بَطنَ، وَأَقامَ الحُدُودَ وَالتَّعْزيرَاتِ لِلرَّدعِ عمَّا حَرَّمَ اللهُ عز وجل.

وَمَعنَى «لَا أَحدَ» يَعنِي: مِثلَ مَعنَى «لَا شَخصَ»، يَعنِي: لَا ذَاتَ أَغْيرُ مِنَ اللهِ، ذَاتُهُ سُبْحانَهُ ذَاتٌ قَائِمةٌ بِنفْسِها، وَشَخصِيَّتهُ قَائِمةٌ بِنَفْسِهَا، وَلِهذَا قَالَ فِي الرِّوايَةِ الأُخْرَى: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ». «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ» (٣)، «مَا أَحَد أَغْيرُ مِنَ اللهِ». فهِيَ ذَاتٌ لَهَا صِفَاتٌ، لَهَا صِفَاتُ الكَمَالِ.

(الشَّيخُ): مَاذا قَالَ الشَّارِحُ الحَافِظُ ابنُ حَجرٍ عَلَى التَّرجَمةِ؟

[قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجرٍ فِي «فَتْحِ البَارِي» (١٣/ ٣٩٩)]: «قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ». كَذَا لَهُم، وَوَقعَ عِنْد ابنِ بَطَّالٍ بِلَفْظِ: «أَحَدَ» بَدَلَ «شَخْصَ»، وَكَأَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِهِ، قَوْلُهُ: عَبْدُ الْمَلكِ هُوَ ابنُ عُمَيرٍ، وَالمُغِيرةُ هُوَ ابْنُ شُعْبَةَ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ الْحُدُودِ وَالْمُحَارِبِينَ؛


(١) رواه البخاري (٥٢٢٠)، ومسلم (٢٧٦٠).
(٢) كلمة غير واضحة.
(٣) رواه البخاري (٤٦٣٤)، ومسلم (٢٧٦٠) (٣٣).

<<  <   >  >>