قَالَ: ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو انْفَرَدَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، وَاعْتَوَرَهُ الْفَسَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ.
وَقَدْ تَلَقَّى هَذَا عَنِ الْخَطَّابِيِّ أَبُو بَكْرِ بْنُ فَوْرَكٍ فَقَالَ: لَفْظُ «الشَّخْصِ» غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقِ السَّنَدِ، فَإِنْ صَحَّ فَبَيَانُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: «لَا أَحَدَ» فَاسْتَعْمَلَ الرَّاوِي لَفْظَ «شَخْصَ» مَوْضِعَ «أَحَدَ» … ثمَّ ذكر نَحْو مَا تَقدَّمَ عَنِ ابْنِ بَطَّالٍ، وَمِنْهُ أَخذَ ابنُ بَطَّالٍ.
ثمَّ قَالَ ابن فَوْرَكٍ: وَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ الشَّخْصِ أُمُورٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقِ السَّمْعِ.
وَالثَّانِي: الْإِجْمَاعُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَاهُ الْجِسْمُ الْمُؤَلَّفُ الْمُرَكَّبُ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَعْنَى الْغَيْرَةِ: الزَّجْرُ وَالتَّحْرِيمُ، فَالْمَعْنَى أَنَّ سَعْدًا الزَّجُورُ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَأَنَا أَشَدُّ زَجْرًا مِنْهُ، وَاللهُ أَزْجَرُ مِنَ الْجَمِيعِ. انْتَهَى.
وَطَعْنُ الْخَطَّابِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي السَّنَدِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفَرُّدِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْ «صَحِيحَ مُسْلِمٍ» وَلَا غَيْرَهُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا هَذَا اللَّفْظُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو.
وَرَدُّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالطَّعْنُ فِي أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الضَّابِطِينَ مَعَ إِمْكَانِ تَوْجِيهِ مَا رَوَوْا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أَقْدَمَ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الحَدِيثِ، وَهو يقْتضي قُصُورَ فَهْمِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: لَا حَاجَةَ لِتَخْطِئَةِ الرُّوَاةِ الثِّقَات، بَلْ حُكْمُ هَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْمُتَشَابِهَاتِ إِمَّا التَّفْوِيضُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute