للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَتلَ مِنهُم جَمًّا غَفِيرًا، وَهدَى اللهُ مَنْ هَدَى مِنهُمْ، وَبقِيَ مِنهُم بَقَايَا إِلَى يَومِنَا هَذَا، فِي كلِّ زَمَانٍ وفِي كلِّ عَصرٍ إِلَى زَمانِنَا هَذَا مَوجُودُونَ، مِنهُمْ طَوائِفُ فِي الجَزائِرِ وفِي لِيبْيَا وفِي عُمَانَ لهُمْ بَقايَا، وَبعْضُهُم تَنازَلَ عَنِ التَّكْفيرِ -تَكْفيرِ العُصَاةِ- وَلَا يُصِرُّ فِي تَكْفيرِ العُصَاةِ، وَلكِنَّهُ يَرَى أنَّ العَاصِيَ مُخلَّدٌ فِي النَّارِ، وَأنَّهُ مَع الكَفرَةِ، عَلَى طَرِيقَةِ الخَوارِجِ الأَوَائلِ، نَسْألُ اللهَ السَّلَامةَ.

أَحْسَنَ اللهُ إِليْكَ، مُنَاسبَةُ الحَدِيثِ لِلتَّرجَمةِ؟

المُنَاسَبةُ قَولُهُ: «أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ». يَعنِي: اللهَ سبحانه وتعالى، وهُوَ فِي السَّمَاءِ، وفِي اللَّفظِ الآخَرِ: «أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ» يَعنِي: العُلُوَّ.

[قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجرٍ رحمه الله فِي «فَتْحِ البَارِي» (١٣/ ٤١٨)]: «قَوْلُهُ: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ». فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْمَغَازِي: «أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ». وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ».

قَالَ ابْنُ بَازٍ رحمه الله: قَولُهُ: «فِي السَّمَاءِ»، وَكَونُهُ يَأمَنهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ كَذلِكَ يُشِيرُ إِلَى هَذَا، يَأمَنُهُ عَلَى أَهْلِ الأَرضِ، يَعنِي: وهُوَ فِي السَّمَاءِ سبحانه وتعالى.

[قَالَ الحَافِظُ رحمه الله]: «لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي إِدْخَالِ الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ لِلَفْظَةٍ تَكُونُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ هِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِذَلِكَ الْبَابِ، يُشِيرُ إِلَيْهَا وَيُرِيدُ بِذَلِكَ شَحْذَ الْأَذْهَانِ، وَالْبَعْثَ عَلَى كَثْرَةِ الِاسْتِحْضَارِ، وَقَدْ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الضُّبَعِيِّ قَالَ: الْعَرَبُ تَضَعُ «فِي» مَوْضِعَ «عَلَى» كَقَوْلِهِ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة: ٢]، وَقَولِهِ: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١] فَكَذَلِك قَوْلُهُ: «مَنْ فِي السَّمَاء» أَيْ: عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ السَّمَاءِ كَمَا صَحَّتِ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ».

<<  <   >  >>