وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ بِلَالًا رضي الله عنه قَالَ لَمَّا نَامُوا فِي الْوَادِي: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ». وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ الرُّوحُ قَطْعًا؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ … » الْحَدِيثَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢]، الْآيَةَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي سُورَةِ «سُبْحَانَ».
وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: «وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: {وَمَا أُوتِيتُمْ} [الإسراء: ٨٥] عَلَى وَفْقِ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّتِهِ: قَالَ الْأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قراءتنا.
قَالَ ابنُ بَطَّالٍ: غَرَضُهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ؛ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى لِلشَّيْءِ: كُنْ؛ فَيَكُونُ بِأَمْرِهِ لَهُ، وَأَنَّ أَمْرَهُ وَقَوْلَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَأَنَّهُ يَقُولُ: «كُنْ» حَقِيقَةً، وَأَنَّ الْأَمْرَ غَيْرُ الْخَلْقِ؛ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ. انْتَهَى. وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي بَابِ {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات: ٩٦]». [انتهى كلامه].
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute