للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القِسمُ الثَّاني قِسمَينِ.

أَحسَنَ اللهُ إِليكَ، المَخلُوقٌ مَعرُوفٌ أَنَّه بِإيجَادِ اللهِ؟

لكِنَّه على قِسمَينِ: تَارَةً يَكُونُ مِنْ بَابِ الإِيجَادِ فَقَطْ، وتَارَةً مِنْ بَابِ ذَلكَ مع التَّشرِيفِ والتَّكرِيمِ لِأجلِ الإِضَافةِ.

[قال الحَافِظُ رحمه الله]: «والَّذِي يَدُلُّ على أنَّ الرُّوحَ مَخلُوقَةٌ عُمُومُ قَولِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: ٦٢]، [الزمر: ٦٢]، {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٦٤]، {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦)} [الشعراء: ٢٦]. والأَروَاحُ مَربُوبَةٌ، وكُلُّ مَربُوبٍ مَخلُوقُ رَبِّ العَالَمِينَ». [انتهى كلامه].

قَالَ ابنُ بَازٍ رحمه الله: وكُلُّ مَربُوبٍ مَخلُوقُ رَبِّ العَالَمِينَ، يَصلُحُ إِضَافةُ المَخلُوقِ إلى خَالِقِهِ، يَعْنِي مَخلُوقٌ لِرَبِّ العَالَمِينَ على تَقدِيرِ اللَّامِ.

[قال الحَافِظُ رحمه الله]: «وَقَوْلُهُ تَعَالَى لِزَكَرِيَّا: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلم تَكُ شَيْئا} وَهَذَا الْخِطَابُ لِجَسَدِهِ وَرُوحِهِ مَعًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (١)} [الإنسان: ١]، وَقَوله تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: ١١]، سَوَاءٌ قُلْنَا: إِنَّ قَوْلَهُ: «خَلَقْنَا» يَتَنَاوَلُ الْأَرْوَاحَ وَالْأَجْسَادَ مَعًا، أَوِ الْأَرْوَاحَ فَقَطْ.

وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ»، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ، وَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَخْلُوقُونَ وَهُمْ أَرْوَاحٌ. وَحَدِيثُ: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ». وَالْجُنُودُ الْمُجَنَّدَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مَخْلُوقَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ وَشَرْحُهُ فِي «كِتَابِ الْأَدَبِ».

<<  <   >  >>