وَلَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَةُ رُوحِ بَنِي آدَمَ رُوحًا، بَلْ سَمَّاهَا نَفْسًا فِي قَوْلِهِ: {النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: ٢٧] وَالنَّفْسُ الْأَمَارَةُ بِالسُّوءِ، وَالنَّفْسُ اللَّوَّامَةُ، وَأَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ، وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ.
وَتَمَسَّكَ مَنْ زَعَمَ بِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ بِإِضَافَتِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: ٢٩]. وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقَعُ عَلَى صِفَةٍ تَقُومُ بِالْمَوْصُوفِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَعَلَى مَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ كَبَيْتِ اللَّهِ، وَنَاقَةِ اللَّهِ. فَقَوْلُهُ: «رُوحُ اللَّهِ» مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ».
قَالَ ابنُ بَازٍ رحمه الله: يَعْنِي مِنْ بَابِ إِضَافَةِ المَخلُوقِ إلى خَاِلقِهِ، رُوحُ آدَمَ وَرُوحُ عِيسَى عَلَيهِما السلام كُلُّهَا مِنْ بَابِ إِضَافَةِ المَخلُوقِ إلى خَالِقِه إِضَافَةَ تَشرِيفٍ وتَكرِيمٍ، كَنَاقَةِ اللهِ، وبَيتِ اللهِ، ورَسُولِ اللهِ.
[قال الحَافِظُ رحمه الله]: «الثَّاني: وهي إِضَافَةُ تَخصِيصٍ وتَشرِيفٍ، وهي فَوقَ الإِضَافَةِ العَامَّةِ التي بِمَعنَى الإِيجَادِ، فَالإِضَافَةُ على ثَلَاثِ مَرَاتِبَ: إِضَافَةُ إِيجَادٍ، وإِضَافَةُ تَشرِيفٍ، وإِضَافَةُ صِفةٍ». [انتهى كلامه].
قَالَ ابنُ بَازٍ رحمه الله: ويُضَافُ إليهِ إِضَافَةُ صِفَةٍ، كَعلْمِ اللهِ، وقُوَّةِ اللهِ، وإِضَافَةٌ الذَّاتِ إلى غَيرِهَا، وإِضَافَةُ الذَّاتِ على قِسمَينِ:
١ - إِضَافَةُ مُخلُوقٍ إلى خَالِقِهِ، كَأرضِ اللهِ وسَمَاءِ اللهِ.
٢ - وإِضَافَةُ تَشرِيفٍ وتَكَرِيمٍ مع أنَّها إِضَافَةُ مَخلُوقٍ، كَبَيتِ اللهِ ونَاقةِ اللهِ.
ولا مُشَاحَّةَ في الاصطِلَاحِ، إذا جُعِلَ ثَلَاثةَ أَقْسَامٍ، أو قِسْمَينِ ثم جُعِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute