للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهَكَذَا قَولُهُ في سُورَةِ يُونُسَ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} [يونس: ٣].

فهو مُدَبِّرُ الأُمُورِ سبحانه وتعالى، يَعرِفُ العَبدُ رَبَّه بِأنَّه خَالِقُ السَّمَوَاتِ وخَالِقُ الأَرضِ، وَرَبُّ كُلُّ شَيءٍ ومَلِيكُهُ، وأنَّه الإِلَهُ الحَقُّ المُستَحِقُّ لِلعِبَادةِ، وأنَّهُ ذُو الأَسمَاءِ الحُسنَى والصِّفَاتِ العُلَا، وَأنَّه لا شَبِيهَ له، ولا كُفءَ له، ولا ندَّ لَه، وأنَّ كَلِمَاتِهِ لا تُحصَى، ولو جُمِعَ ما في الأَرضِ مِنْ شَجَرٍ، وجُمِعَ ما فيها مِنْ أَقلَامٍ، وجُمِعَ ما فيها من بِحَارٍ وكُتُبٍ بهَذِه الأَقلَامِ كُلَّ شَيءٍ حَتَّى تَنتَهِيَ البِحَارُ -لم تَنفَدْ كَلِمَاتُ اللهِ سبحانه وتعالى.

ومَن هَذِه صِفَتُهُ هو المُستَحِقُّ لأن يُعبَدَ جل وعلا، وهو المُستَحِقُّ لأن يُطَاعَ أَمرُهُ، ويُنْتَهى عن نِهيِهِ جل وعلا، وهو المُستَحِقُّ لأن تَخضَعَ له العِبَادُ طَائِعِينَ مُمتَثِلِينَ لِأمْرِه، تَارِكِينَ لما نَهَى عنه، وَاِقِفِينَ عند حُدُودِهِ.

ولكِنْ جَهْلُ الأَكْثَرِ بِاللهِ، وجَهْلُهُمْ بِدِينِهِ، وجَهلُهُمْ بِصِفَاتِهِ وأَسمَائِهِ هُو الَّذِي أَوقَعَهُم فِيمَا أَوقَعَهُم فيهِ مِنَ الشِّركِ بِاللهِ، والمَعصِيَةِ له سبحانه وتعالى، ولِهذَا يَقُولُ جل وعلا: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤٣، ٤٤]. فَجَعَلَهُم أَضَلَّ مِنَ الأَنعَامِ، مِنْ البَقرِ والإِبِلِ والغَنَمِ؛ لِجَهلِهِم بِاللهِ وجَهلِهِمْ بِدِينِهِ واتِّبَاعِهِم أَهوَاءَهُم.

وفي سُورَةِ الأَعرَافِ يَقُولُ سُبحَانَهُ: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} [الأعراف: ١٧٩].

<<  <   >  >>