حَكَمَ عَلَيهِم بِأَنَّهم أَضَلُّ، شَبَّهَهمْ بِالأَنعَامِ ثم حَكَمَ بأنهم أَضَلُّ مِنَ الأَنعَامِ؛ لِإعْرَاضِهِم عن الحَقِّ وجَهلِهِم به، والأَنعَامُ قد تَهتَدِي لِمَصَالِحَها، أَمَّا هَؤلاءِ فقَدْ ضَلُّوا عن مَصَالِحِهِم، وعن نَجَاتِهِم وعن أَسبَابِ سَعَادَتِهِم؛ فَصَارُوا أَضَلَّ منَ الأَنعَامِ، وأَسوَأَ حَالًا مِنَ الأَنعَامِ، ثم حَكَمَ عَلَيهِم فَقَالَ:{أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}، لَيْسَ هُنَاكَ أَحَدٌ أَشَدَّ غَفلَةً مِنْ هَؤلَاءِ؛ لَمَّا أَعرَضُوا عن دِينِ اللهِ واسْتَكبَرُوا عن طَاعَتِهِ واتَّبَعُوا أَهوَاءَهُم، وإن حَذَقُوا في أيِّ صِنَاعَةٍ وفي أيِّ اخْتِرَاعٍ؛ لا قِيمَةَ لذَلكَ، وإن طَارُوا في السَّمَاءِ وإن غَاصُوا في البِحَارِ لا قِيمَةَ لذَلكَ؛ لما جَهِلُوا أَمرَ اللهِ وجَهِلُوا دِينَهُ، وجِهِلُوا أَسبَابَ السَّعَادَةِ.