للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَكَمَ عَلَيهِم بِأَنَّهم أَضَلُّ، شَبَّهَهمْ بِالأَنعَامِ ثم حَكَمَ بأنهم أَضَلُّ مِنَ الأَنعَامِ؛ لِإعْرَاضِهِم عن الحَقِّ وجَهلِهِم به، والأَنعَامُ قد تَهتَدِي لِمَصَالِحَها، أَمَّا هَؤلاءِ فقَدْ ضَلُّوا عن مَصَالِحِهِم، وعن نَجَاتِهِم وعن أَسبَابِ سَعَادَتِهِم؛ فَصَارُوا أَضَلَّ منَ الأَنعَامِ، وأَسوَأَ حَالًا مِنَ الأَنعَامِ، ثم حَكَمَ عَلَيهِم فَقَالَ: {أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}، لَيْسَ هُنَاكَ أَحَدٌ أَشَدَّ غَفلَةً مِنْ هَؤلَاءِ؛ لَمَّا أَعرَضُوا عن دِينِ اللهِ واسْتَكبَرُوا عن طَاعَتِهِ واتَّبَعُوا أَهوَاءَهُم، وإن حَذَقُوا في أيِّ صِنَاعَةٍ وفي أيِّ اخْتِرَاعٍ؛ لا قِيمَةَ لذَلكَ، وإن طَارُوا في السَّمَاءِ وإن غَاصُوا في البِحَارِ لا قِيمَةَ لذَلكَ؛ لما جَهِلُوا أَمرَ اللهِ وجَهِلُوا دِينَهُ، وجِهِلُوا أَسبَابَ السَّعَادَةِ.

يُقالُ: كَلمِاتُ اللهِ عِلمُهُ؟

لا، الكَلمِاتُ غَيرُ العِلمِ.

أَحسَنَ اللهُ إِليكَ: مُناسَبةُ الحَدِيثِ لِلبَابِ؟

قَولُهُ: «هو تَصْدِيقٌ بِكَلِمَتِي» بِكَلمَاتِ اللهِ، التَّصدِيقُ بِكَلِمَاتِ اللهِ مِنْ أهمِّ الإِيمَانِ، ولِهذَا قَالَ: «أن تُؤمِنَ بِاللهِ ومَلَائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسَلِهِ واليَومِ الآخِرِ»، والتَّصْدِيقُ بِكَلِمَاتِ اللهِ مما يُوجِبُهُ الإِيمَانُ.

والعِلمُ أَوسَعُ من الكَلَامِ، الكَلَامُ مِنْ عِلمِ اللهِ، ولَمَّا أَنزلَ اللهُ قَولَهُ: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)} [الإسراء: ٨٥] قَالَتْ اليَهُودُ: عندنا التَّورَاةُ فَهَلْ هِيَ قَلِيلٌ من عِلمِ اللهِ؟ قَالَ: نعَم، التَّورَاةُ بِالنِّسبَةِ إلى عِلمِ اللهِ قَلَيلٌ. اللهُ أَكبَرُ.

* * *

<<  <   >  >>