للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٣]، {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: ١٨] سبحانه وتعالى، لا رَادَّ له جل وعلا: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (٢٩)} [الشورى: ٢٩] سبحانه وتعالى.

الرَّابِعُ: خَلقُهُ لِلأَشيَاءِ وإِيجَادُهُ لها، هو الخَلَّاقُ لها، هو المُوجِدُ قَدَّرَهَا وخَلقَهَا، شَاءَهَا وخَلَقَهَا، هَذَا الرَّابِعُ أَنَّه خَالِقُ الأَشيَاءِ ومُوجِدُهَا ومُختَرِعُهَا على غَيرِ مِثَالٍ سَبَقَ: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: ٦٢]، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: ٣] فَالمَشِيئَةُ لها صِفَةُ العُمُومِ، فما شَاءَ اللهُ كَانَ وما لم يَشَأْ لم يَكُنْ، وتَكُونُ في الخَيرِ والشَّرِّ، مِنْ حَيَاةٍ أو مَوتٍ أو عَجزٍ أو صَلَاحٍ أو ضَلَالٍ وغَيرِ ذَلكَ: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)} [الحج: ١٨].

أمَّا الإِرَادَةُ فهي قِسمَانِ:

١ - إرَادَةٌ بِمَعنَى المَشِيئَةِ: كما قَالَ عز وجل: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا (٨٢)} [يس: ٨٢] أي: إذا شًاءَ شَيْئًا {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢]، بِمَعنَى المشيئة {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧)} [هود: ١٠٧] أي: لِمَا يَشَاءُ. ومِن هَذَا قَولُهُ سُبحَانَهُ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: ١٢٥] يَعْنِي: يَشَاءُ أن يَهدِيَهُ: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: ١٢٥] هَذِه لا رَادَّ لها؛ لأنَّها بِمَعنَى المَشِيئَةِ.

ولِهذَا قَالَ في قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (٥٦)} [القصص: ٥٦] اجْتَهَدَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هِدَايَةِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، ودَعَاهُ إلى اللهِ في صِحَّتِهِ وفي مَرَضِه قَبلَ أن يَمُوتَ، ولكنه أَصَرَّ على دِينِ قَومِهِ، وقال: «هو على مِلَّةِ عَبدِ المُطَّلبِ» عند مَوتِهِ -والعِياذُ بِاللهِ- فَأنزَلَ اللهُ في

<<  <   >  >>