الرَّابِعُ: خَلقُهُ لِلأَشيَاءِ وإِيجَادُهُ لها، هو الخَلَّاقُ لها، هو المُوجِدُ قَدَّرَهَا وخَلقَهَا، شَاءَهَا وخَلَقَهَا، هَذَا الرَّابِعُ أَنَّه خَالِقُ الأَشيَاءِ ومُوجِدُهَا ومُختَرِعُهَا على غَيرِ مِثَالٍ سَبَقَ:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: ٦٢]، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}[فاطر: ٣] فَالمَشِيئَةُ لها صِفَةُ العُمُومِ، فما شَاءَ اللهُ كَانَ وما لم يَشَأْ لم يَكُنْ، وتَكُونُ في الخَيرِ والشَّرِّ، مِنْ حَيَاةٍ أو مَوتٍ أو عَجزٍ أو صَلَاحٍ أو ضَلَالٍ وغَيرِ ذَلكَ: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)} [الحج: ١٨].
ولِهذَا قَالَ في قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (٥٦)} [القصص: ٥٦] اجْتَهَدَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هِدَايَةِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، ودَعَاهُ إلى اللهِ في صِحَّتِهِ وفي مَرَضِه قَبلَ أن يَمُوتَ، ولكنه أَصَرَّ على دِينِ قَومِهِ، وقال:«هو على مِلَّةِ عَبدِ المُطَّلبِ» عند مَوتِهِ -والعِياذُ بِاللهِ- فَأنزَلَ اللهُ في