على الوَقتِ المُنَاسِبِ ثم لم يَسمَعْهَا، أو أَصَابَهَا خَلَلٌ يَكُونُ مَعذُورًا.
ثم أيضًا هَذَا فيه تَفصِيلٌ للعُذرِ، لا يُؤَقِّتُ السَّاعَةَ مَثَلًا وهو مُتَأَخِّرٌ في النَّومِ؛ فَيَستَحكِمُ عليه النَّومُ ولا يَسمَعُ؛ فَيكُونُ مَلُومًا مِنْ جِهِةِ تَأَخُّرِه وسَهرِهِ، فَالوَاجِبُ أن يَتَقَدَّمَ ويَنَامَ مُبَكِّرًا حَتَّى لا يَغلِبَهُ النَّومُ، وحتى يَستَطِيعَ أن يَسمَعَ المُنَبِّهَ أو السَّاعَةَ، فإذا ما تَأَخَّرَ وما نَامَ إلا عند الفَجرِ كيف يَسمَعُ السَّاعَةَ؟! قد اسْتَغرَقَ في النَّومِ وسَقطَ كَالمَيِّتِ؛ هَذَا مُفَرِّطٌ وليس بِمعذُورٍ ولو جَعلَ السَّاعَةَ عند رَأسِهِ؛ لِأنَّه سَهرَ وتَأَخَّرَ، وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَكرَهُ النَّومَ قَبلَهَا -العِشَاءَ- والحَدِيثَ بَعدَهَا (١) عليه الصلاة والسلام، ونَهَى عنِ السَّمَرِ، يَعْنِي السَّمرَ الذي يَضُرُّ الإِنسَانَ أو السَّمرَ الذي في غَيرِ مَصلَحَةِ المُسْلِمِينَ أو في غَيرِ ضَرُورَةٍ.
فالحَاصِلُ: أنَّ السَّمرَ الذي يَفعَلُه الكَثيرُ منَ النَّاسِ في القِيلَ والقَالِ، أو سَماَعِ آلَاتِ المَلَاهِي أو في الأَخبَارِ التي تَضُرُّهُ ولا تَنفعُهُ أو في غَيرِ هَذَا مما لا يُضطَرُّ إليه؛ ما هو عُذرٌ إذا تَأَخَّرَ ونَامَ عنِ الفَجرِ؛ لِأنَّه مُفَرِّطٌ.
هَذَا احتجَّ بعد التَّوبَةِ؛ لأنَّ مُوسَى عليه الصلاة والسلام لامَهُ على المُصِيبَةِ التي هي خُرُوجُهُ منَ الجَنَّةِ؛ فقال له آدَمُ عليه السلام:«أَتعلَمُ أن هَذَا كُتِبَ عليَّ قبلَ أن أُخلَقَ بِأَربَعِينَ سَنةً»، كما في الحَدِيثِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فحجَّ آدَمُ مُوسَى»؛ لأنَّ هَذَا شَيءٌ كُتِبَ عليه وليْسَ مِنْ فِعلِهِ، إنما فِعْلُهُ أَكلُهُ مِنَ الشَّجرَةِ، فهو مَلُومٌ عليها لكنَّه تَابَ، ومَن تَابَ لا يُلَامُ وقد تَابَ {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)} [طه: ١٢١، ١٢٢] والإنَسَانُ بعد التَّوبَةِ لا يَجُوزُ أن يُلَامَ، لا يُقَالُ لِلإِنسَانِ إذا تَابَ من الزِّنَا أو الخَمرِ عَصَى رَبَّه، بَعد التَّوبَةِ لا، إنما التَّوبِيخُ قَبلَ ذَلكَ.