للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا قَوْلَ لَهَا، فَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْبُخَارِيُّ وَهَذَا أَوَّلُ بَابٍ تَكَلَّمَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ وَهِيَ طَوِيلَةُ الذَّيْلِ». [انتهى كلامه].

وهَذَا أَوَّلُ بَابٍ أو الأَبْوَابُ التي سَبَقَت: {إنما أمره إذا أراد شَيْئًا أن يقول له كن فيكون}؟

كأنَّ قَصْدَهُ أَنَّه أَفرَدَهُ لِهذَا الشَّيءِ، أَفرَدَهُ لِهذَا الشَّيءِ المُتَغَلِّبِ، والكِتَابُ كُلُّهُ مَلْآنٌ، وإلَّا فهو أَفرَدَهُ لِهذَا الشَّيءِ.

[قال الحَافِظُ رحمه الله]: «وَهِيَ طَوِيلَةُ الذَّيْلِ قَدْ أَكْثَرَ أَئِمَّةُ الْفِرَقِ فِيهَا الْقَوْلَ، وَمُلَخَّصُ ذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ «الِاعْتِقَادِ»: «الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، وَكَلَامُ اللَّهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ مَخْلُوقًا وَلَا مُحْدَثًا وَلَا حَادِثًا، قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠)} [النحل: ٤٠]، فَلَو كَانَ الْقُرْآنُ مَخلُوقًا لَكَانَ مَخلُوقًا يكن وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ اللَّهِ لِشَيْءٍ بِقَوْلٍ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ قَوْلًا ثَانِيًا وَثَالِثًا فَيَتَسَلْسَلُ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣)} [الرحمن: ١ - ٣]، فَخَصَّ الْقُرْآنَ بِالتَّعْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُهُ وَصِفَتُهُ، وَخَصَّ الْإِنْسَانَ بِالتَّخْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ خَلْقُهُ وَمَصْنُوعُهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ: خَلَقَ الْقُرْآنَ وَالْإِنْسَانَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)} [النساء: ١٦٤]، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ قَائِمًا بِغَيْرِهِ». [انتهى كلامه].

قَالَ ابنُ بَازٍ رحمه الله: هَذَا كَلَامٌ يُؤذِي ويُتْعِبُ، ولِهذَا يَقُولُ بَعضُ السَّلَفِ -وأَظُنَّهُ ابنَ المُبَارَكِ رحمه الله-: «إِنَّنَا نَستَطِيعُ أن نَحكِيَ كَلَامَ اليَهُودِ ونَحكِيَ كَلَامَ

<<  <   >  >>