والمَقْصُودُ: أن الكَلَامَ يَتَجَدَّدُ وقتًا بعد وَقتٍ ولِهذَا قَالَ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ (٢)} [الأنبياء: ٢]، {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ}[الشعراء: ٥] يَعْنِي: جَدِيدًا، بعد أن لم يَتَكَلَّمْ تَكَلَّمَ سبحانه وتعالى، والقُرْآنُ تَكَلَّمَ به بعدَ التَّورَاةِ، والإِنجِيلُ بعد التَّورَاةِ وهَكَذَا.
وهَذِه الأَحَادِيثُ التي ذَكَرهَا الْمُؤَلِّفُ كُلُّها وَاضِحَةٌ في كَلَامِهِ سُبحَانَهُ، وَأنَّه يُسمَعُ، وأنَّ له صَوتًا يُسمَعُ، تَسمَعُهُ الْمَلَائِكَةُ وتَسمَعُ كَلَامَهُ، وهَكَذَا سِمِعَهُ جبرَائِيلَ عليه السلام، وهَكَذَا سَمِعَهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حين أُسْرِيَ به حينَ عُرجَ به إلى السَّمَاءِ، وهَكَذَا سَمِعَهُ مُوسَى عليه الصلاة والسلام: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)} [النساء: ١٦٤]. وهَذَا هو الكَلَامُ الذي يَعقِلُهُ النَّاسُ، تَعقِلُهُ الأُمَمُ أَنَّه يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ يُسمَعُ.
يَكفِي؛ لأنَّ كَلَامَهُم في كَلَامِ اللهِ كَلَامٌ صَعبٌ على القُلُوبِ وصَعبٌ على الآذَانِ سَمَاعُهُ، قَبَّحَهُمُ اللهُ.