الشَّاهِدُ: قَولُهُ: «آمَنتُ بِكِتَابِكَ الذي أَنزَلْتَ»؛ لِأنَّه أَنْزَلَ الكِتَابَ بِعلمِهِ، وأَنزَلَهُ بِعلمِهِ مُشتَمِلًا على عِلمِهِ وعلى إِرشَادٍ عِبَادِهِ إلى كُلِّ خَيرٍ.
ويُشِيرُ مُجَاهِدٌ رحمه الله وهو التَّابِعِيُّ الجَلِيلُ إلى أن هَذَا الإِنزَالَ يَعمُّ السَّمَوات ويُعُمَّ الأَرضَ جِمِيعًا بَطبَقَاتِهَا كمَا يَعُمُّ السَّمَوَاتِ بِطَبقَاتِهَا، كَأنَّه يُشِيرُ بهَذَا إلى قَولِهِ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)} [الطلاق: ١٢] فهو أَنزلَ هَذَا الكِتَابَ العَظِيمَ -وهو القُرآنُ- بِعلمِهِ العَظِيمِ، وعِلمُه لا يَنتَهِي، وهَذَا شَيءٌ مِنْ عِلمِهِ.
أَنْزَلَهُ على عِبَادِهِ على يَدِ أَفضَلِ خَلقِهِ وأَشرَفِهِم مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلامُ في أَفضلِ بُقعَةٍ وفي أَفضَلِ مَكَانٍ، في مَكَّةَ المُكَرَّمةِ ثم المَدِينَةِ الْمُنَوَّرةِ، في أَفضلِ زَمَانٍ وأَشرَفِ زمَانٍ في رَمَضَانَ في لَيلَةِ القَدرِ، هَذِه أَنوَاعٌ مِنْ الفَضلِ وأَنوَاعٌ مِنَ الشَّرفِ لِهذَا الكِتَابِ العَظِيمِ.