فَجِدِيرٌ بِأهلِ الإِيمَانِ، وجَدِيرٌ بِأهلِ العِلْمِ بِوجِهٍ خَاصٍّ أن تَكُونَ لهم العِنَايةُ العَظِيمَةُ الكَامِلَةُ بهَذَا الكِتَابِ -تَدَبُّرًا، وتَعَقُّلًا، وعَمَلًا، ودَعوَةً، وتَوجِيهًا، وإِرْشَادًا لِلعِبَادِ؛ لِيعلَمُوا حَقَّ رَبِّهم وما فَرضَ عَليهم وما دَعَاهُم إليه، وما لهم عنده مِنَ الخَيرِ العَظِيمِ إذا أَجَابُوا دَعوَتَهُ وأَدَّوا حَقَّهُ سبحانه وتعالى.
(الشَّيخُ): كَذَا عِندكَ «أَصَبتَ أَجْرًا»؟
قَالَ ابنُ بَازٍ رحمه الله: وفي رِوَايَةٍ «خيرًا»، وفي رِوَايَةٍ:«أَصبْتَ خَيرًا»(١)، وفي الرِّوَايَةِ الأُخْرَى:«خَيْرًا».
وفيه فَضْلُ هَذَا الذِّكرِ والضَّرَاعَةِ إلى اللهِ، وأنَّ صَاحِبَهَا إذا قَالها عن صِدِّقٍ وإِخلَاصٍ لو مَاتَ مَاتَ على الفِطرَةِ يَعْنِي: على الإِيمَانِ، وإن أَصبَحَ أَصَابَ أَجْرًا وأَصَابَ خَيرًا.
كَلِمَاتٌ عَظِيمَةٌ فيها تَجَرُّدٌ مِنْ الحَولِ والقُوَّةِ إلى اللهِ عز وجل، وَأنَّه سُبحَانَهُ هو مُصَرِّفُ أَمرِهِ، مُصَرِّفُ أَمرِ العِبدِ ومُدَبِّرُهُ، وهو العَلِيمُ بِحَالِهِ، وهو القَادِرُ عليه، ثم خَتَمَ هَذَا بقَولِهِ:«آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ». وهَذَا الخَتمُ يَتَضَمَّنُ إِيمَانَهُ بِكلِّ ما في القُرآنِ مِنْ تَوحِيدٍ وإِخْلَاصٍ وأَوَامرَ ونَواهٍ وقَصَصٍ وغَيرِ ذَلكَ.
فكان هَذَا كلامًا عظيمًا، وخَاتِمَةً عَظِيمَةً، وصَاحِبُهُ جَدِيرٌ بأن يَحصُلَ له هَذَا الخَيرُ: إن مَاتَ مَاتَ على الفِطرَةِ وإن أَصبَحَ أَصَابَ أَجرًا وأَصَابَ خَيْرًا: «اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ،