«مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ».
وجَاءَ فِي بَعضِ رِوايَاتِ الحَدِيثِ فِي «الصَّحيحِ»: أنَّ أَسْبَابَ ذلِكَ أنَّ بَعضَ الأَعرابِ قَالَ: أَتُقبِّلونَ صِبْيانَكم؟ فقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ»؛ فَقالَ الأَقْرعُ: عِنْدِي كذَا وكَذَا مِنْ الوَلدِ فَلمْ أُقبِّلْ أَحدًا مِنْهم، فَقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ».
وَهكَذَا قِصَّةُ المَرأَةِ - قِصةُ ابْنتِهِ - لمَّا دَعتْ أبَاهَا إِلَى الحُضورِ عِندَها بِسبَبِ احْتِضَارِ صَبِيِّها، وَمَا حَصَلَ عَليهِ مِنْ شدَّةِ المَرَضِ وأمَارَاتِ المَوتِ؛ دَعتْ أبَاهَا أنْ يَحضُرَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وكَانَ ليِّنًا رَقِيقًا رَفيقًا عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ رَحيمًا، فَقالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعْ إِلَيْهَا وَقُلْ لَهَا: فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ، فَلِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى».
فَردَّتْ عَليهِ تَطلُبُ منهُ أنْ يَحضُرَ، أَقْسَمَتْ عَليهِ أَنْ يَحضُرَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، فَأجابَ دَعْوتَها وقَامَ لِحُسنِ خُلُقهِ صلى الله عليه وسلم ورَحمتِهِ ورَأفتِهِ بِأهلِ بَيتِهِ وبِالمُسْلِمينَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كَمَا قَالَ عز وجل {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨].
فَقامَ إِليْها جَبْرًا لهَا ومعَهُ سَعْدُ بنُ عُبادةَ ومُعاذٌ وجَماعةٌ رضي الله عنهم كَمَا فِي الرِّوايَاتِ الأُخرَى، فلمَّا وَصلَ إِلَى البَيتِ قُدِّم إِليهِ الصَّبيُّ وهُوَ فِي المَوتِ يَتقعْقَعُ؛ ففَاضَتْ عَيناهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بَكَى وقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا هَذَا؟! قَالَ: «إِنَّهَا رَحْمَةٌ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute