للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صِفَاتِ الكَمَالِ، ومِن وُجُوهِ استِحقَاقِهِ العِبَادَةَ سبحانه وتعالى، فهو يَتَكَلَّمُ ويَأمُرُ ويَنهَى إذا شَاءَ بما يَشَاءُ؛ ولِهذَا تَكَلَّمَ قَالَ: «يُؤذِينِي ابنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهرَ، وأنا الدَّهرُ» (١)، «الصَّومُ لي وأنَا أجْزِي بهِ».

٧٤٩٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «بَيْنَمَا أَيُّوبُ عليه السلام يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟. قَالَ: بَلَى، يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ».

وهَذَا فيه قَولُهُ: «يا أَيَّوبَ» يُنَادِيهِ: «يَا أَيُّوبَ أَلم أُغنِكَ عن هَذَا»، كَلَامٌ خَاصٌّ مع نَبِيٍّ خَاصٍّ عليه الصلاة والسلام، فَقَالَ: «بَلَى، ولكن لا غِنًى لي عن بَركَتِكَ». لأنَّ إِنزَالَ هَذَا الخَيرِ مِنَ البَركَةِ، وقد أَنْزَلَ عليه رِجْلًا من جَرَادٍ من ذَهَبٍ، فهَذَا مِنْ بَركَةِ اللهِ سبحانه وتعالى؛ ولِهذَا كَانَ يَحثُو، يَحثُو منه أَيُّوبُ عليه الصلاة والسلام؛ لِأنَّه مِنحَةٌ منَ اللهِ ونِعمَةٌ مِنَ اللهِ سَاقَهَا إِلَيهِ ومِن بَركَاتِهِ سبحانه وتعالى، «لا غِنًى لي عن بَركَتِكَ». إذا يَسَّرَ اللهُ لِلعَبدِ مِنْ الكَسبِ الحَلَالِ والرِّزقِ الحَلَالِ لا حَرجَ في أَخذِهِ وجَمعِهِ والإِنفَاقِ منه، والإِحسَانِ منه إلى النَّاسِ.

وَفِيهِ: جَوازُ الاغتِسَالِ عُريَانًا؛ فإن أَيُّوبَ عليه السلام اغْتَسَلَ عُريَانًا، وهَكَذَا مُوسَى عليه السلام اغْتَسَلَ عُريَانًا، وهَكَذَا كَانَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم يَتَجَرَّدُ ويَغتَسِلُ


(١) تقدم برقم (٧٤٩١).

<<  <   >  >>