جَاءَ عنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم على الوَجهِ اللَّائِقِ بِاللهِ، وعلى المَعنَى الذي أَرَادَهُ اللهُ سبحانه وتعالى.
والفَائِدَةُ العَظِيمَةُ من هَذَا: حَثُّ العِبَادِ على الدُّعَاءِ في هَذَا الوَقتِ العَظِيمِ: هل مِنْ داَعٍ فَيُستَجَابُ له؟ هل مِنْ تَائِبٍ فَيُتَابُ عليه؟ هل من سَائِلٍ فَيُعطَى سُؤلَهُ؟ هل مِنْ مُستَغفِرٍ فَيُغفَرُ له؟
فَيَنبَغِي للمُؤمِنِ أن يَكُونَ له نَصِيبٌ في هَذَا الوَقتِ مِنْ عِبَادَتِهِ ودُعَائِهِ وضَرَاعَتِهِ إلى رَبِّهِ جل وعلا، ولا يَستَبْطِئَ الإِجَابَةَ ولا يَقُولَ: لم يُجَبْ. يَدعُو والأَمرُ بِيدِ اللهِ سبحانه وتعالى، فقد يُعَجِّلُ الإِجَابَةَ لِحكْمَةٍ، وقد يُؤَجِّلُهَا لِحكْمَةٍ، وقد يمْنَعُهَا لِحكْمَةٍ، فَيصْرِفُ عن العَبدِ شَيْئًا يَضُرُّهُ سِوَاهَا كمَا في الحَدِيثِ الصَّحيحِ:«ما مِنْ عَبدٍ يَدْعُو اللهَ بِدعُوَةٍ لَيْسَ فيها إِثمٌ ولا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إلا أَعطَاهُ اللهُ بها إِحدَى ثَلَاثٍ: إما أنْ تُعَجَّلَ له دَعوَتُهُ في الدُّنيَا، وإمَّا أن تُدَخَرَ له في الآخِرَةِ، وإمَّا أَنْ يُصرَفَ عنه مِنَ الشَّرِّ مِثلُ ذَلكَ»، قالوا: يا رَسُولَ اللهِ، إذًا نُكثِرُ. قَالَ:«اللهُ أَكثَرُ»(١).
فأنتَ على خَيرٍ في دُعَائِكَ، اسْألْ رَبَّكَ، وأنت على خَيرٍ، فادْعُ رَبَّكَ بِإخْلَاصٍ وصِدقٍ واسْألْ حَاجَتَكَ، وَرَبُّكَ أَعلَمُ بذَلكَ، إن شَاءَ سُبحَانَهُ عَجَّل هَذَا كما يَقَعُ وَوَقَعَ لِكَثِيرٍ منَ النَّاسِ، عُجِّلَت لهم طَلَبَاتُهُم، وقد تُؤَجَّلُ كمَا وَقَعَ أَيضًا لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ أُجِّلَت طَلَبَاتُهُم ولم تَحصُلْ لهم في الدُّنيَا، وقد يُصرَفُ عنه منَ الشَّرِّ ما لا يَدُورُ على بَالِهِ ولم يُذكَرْ في خَيالِهِ؛ فَضلًا مِنْ اللهِ سبحانه وتعالى، وبَدَلًا مِنْ إِجَابتِهِ لهَذِه الدَّعوَةِ أُعطِي ما هو خَيرٌ منها وأَفضَلُ، أو أُجِّلَتْ لَه في الآخِرَةِ لِيكُونَ ذَلكَ أَنفعَ له؛ لأنَّ حِكمَةَ اللهِ اقْتَضَتْ ألَّا تَحصُلَ له في الدُّنيَا،