(الشَّيخُ): ماذا قَالَ الشَّارِحُ على الرِّوَايَةِ: «أَدْنَى أَدْنَى»؟ لَعَلَّهَا رِوَايَتَانِ، رِوَايَةٌ فيها: «أَدْنَى أَدْنَى»، وفي رِوَايةٍ: «أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى». نبَّه عليه الشَّارِحُ أو ما نبَّهَ عليه؟ نَتَأمَّلُهَا بَعدِين.
[قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجرٍ رحمه الله فِي «فَتْحِ البَارِي» (١٣/ ٤٧٥)]: «قَوْلُهُ: «ثُمَّ أَقُولُ» ذَكرَ ابنُ التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ بِلَفْظِ «ثُمَّ نَقُولُ» بِالنُّونِ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ مَنْ رَوَاهُ بِالْيَاءِ، فَإِنْ كَانَ رُوِيَ بِالْيَاءِ طَابَقَ التَّبْوِيبَ أَيْ: «ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ» وَيَكُونُ جَوَابًا عَنِ اعْتِرَاضِ الدَّاوُدِيِّ حَيْثُ قَالَ قَوْلهُ: «ثُمَّ أَقُولُ» خِلَافٌ لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ؛ فَإِنَّ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يُخْرِجَ.
قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْمَوْجُودُ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ: «ثُمَّ أَقُولُ» بِالْهَمْزَةِ كَمَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالَّذِي أَظُنُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ كَعَادَتِهِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي «الْمُسْتَخْرَجِ» مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ أَحْمَدَ بْنِ جَوَّاسٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالتَّشْدِيد، عَنْ أبي بكر عَنْ عَيَّاشٍ، وَلَفْظُهُ: «أَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لِي: لَكَ مَنْ فِي قَلْبِهِ شَعِيرَةٌ، وَلَكَ مَنْ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ، وَلَكَ مَنْ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ». فَهَذَا مِنْ كَلَامِ الرَّبِّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ أَوَّلًا؛ فَيُجَابُ إِلَى ذَلِكَ ثَانِيًا؛ فَوَقَعَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ذِكْرُ السُّؤَالِ وَفِي الْبَقِيَّةِ ذِكْرُ الْإِجَابَةِ.
وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى: «مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَيْءٍ»، قَالَ الدَّاوُدِيُّ هَذَا زَائِدٌ عَلَى سَائِرِ الرِّوَايَاتِ.
وتُعقِّبَ: بِأَنَّهُ مُفَسَّرٌ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ جَاءَ فِيهَا: «أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute