للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ». قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: قَوْلُهُ: «أَدْنَى أَدْنَى»، التَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ التَّوْزِيعُ عَلَى الْحَبَّةِ وَالْخَرْدَلِ، أَيْ أَقَلُّ حَبَّةٍ مِنْ أَقَلِّ خَرْدَلَةٍ مِنَ الْإِيمَانٍ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ صِحَة القَوْل بِتَجزِيءِ الْإِيمَانِ وَزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ.

وقَولُهُ: «قَالَ أَنسٌ: كَأَنِّي أَنظُرُ إلى أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» يَعْنِي: قَولُهُ: «أَدنَى شَيءٍ»، وكَأَنَّه يَضُمُّ أَصَابِعَهُ ويُشِيرُ بها.

وقَولُهُ: «فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، مِنَ النَّارِ، مِنَ النَّارِ»، التَّكرِيرُ للتَّأكِيدِ أَيضًا لِلمُبَالَغَةِ، أو للنَّظرِ إلى الأُمُورِ الثَّلَاثَةِ من الحَبَّةِ والخَردَلةِ والإِيمَانِ، أو جَعلَ أَيضًا للنَّارِ مَرَاتِبَ.

قُلتُ: سَقَطَ تَكْرِيرُ قَولِهِ: «مِنْ النَّارِ» عند مُسلِمٍ ومَن ذَكَرتُ معه في رِوَايَةِ حَمَّادِ بن زَيدٍ هَذِه، واللهُ تَعَالَى أَعلمُ». [انتهى كلامه].

قَالَ ابنُ بَازٍ رحمه الله: ويَحتَمِلُ «مِنْ النَّارِ» أَنَّه كَرَّرَهَا لِأجلِ تَكرَارِ الشَّفَاعَةِ في الحَالَاتِ، في كُلِّ مَرَّةٍ مُقَابِلُهَا مِنْ النَّارِ.

أَحسَنَ اللهُ إِليكَ، تَسلَسُلُ الأَنبِياءِ ما يَدُلُّ على تَسَلسُلِ [الفَضلِ] (١)؟

بينهم مَسَافَاتٌ، لكن يَدُلُّ على الشَّرفِ الخَاصِّ.

وهَذَا الحَدِيثُ العَظِيمُ هو المَشهُورُ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، والشَّفَاعَةُ جَاءَتْ فيها أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مُتَنَوِّعةٌ فيها زِيَادَةٌ ونَقصٌ فيمَا بينهَا، وجِمَاعُها أنَّ النَّاسَ يَفزَعُونَ يَومَ القِيَامَةِ ويَشتَدُّ بهم الكَربُ، ثم يَمُوجُ بَعضُهُم في بِعْضِ من شِدِّةِ الهَولِ وضِيقِ المَقَامِ وكَثرَةِ العَرقِ، وخَوضِ النَّاسِ في عَرقِهِم كَالسُّيُولِ العَظِيمَةِ


(١) عبارة غير واضحة، لعلها: (الفضل).

<<  <   >  >>