فَيَنبَغِي في الدُّعَاءِ تَقدِيمُ الثَّنَاءِ والحَمدِ على اللهِ سبحانه وتعالى؛ لِأنَّه ذُو فَضلٍ وذُو إِحسَانٍ، ثم يُثَنِّي بِالصَّلَاةِ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم يَدعُو بما أَحَبَّ، فهَذَا مِنْ أَسبَابِ الإِجَابَةِ.
وفيه: أن العُصَاةَ كمَا تَقَدَّمَ لا يُخَلَّدُونَ في النَّارِ، وأَنَّهم مَرَاتبُ في دُخُولِهمُ النَّارَ على حَسبِ مَعَاصِيهِم التي مَاتُوا عليها، مِنْهُم مَنْ يَكُونُ في قَلبِهِ شَيءٌ كَثِيرٌ مِنَ الإِيمَانِ، وَمِنهُم مَنْ يَكُونُ في قَلبِهِ الشَّيءُ اليَسِيرُ بعدَ التَّوحِيدِ، فالتَّوحِيدُ لا بُدَّ منه، فلا نَجَاةَ إلا بِاللهِ ثم بِالتَّوحِيدِ، فاللهُ حَرَّمَ على النَّارِ أَهْلَ التَّوحِيدِ، حَرَّمَ عَلَيهِم دُخُولَها إذا اسْتَقَامُوا على التَّوحِيدِ وأَدَّوا الوَاجِبَاتِ ولم يَمُوتُوا على المَعَاصِي، فهَؤلَاءِ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ.
فَأهْلُ التَّوحِيدِ الَّذِينَ مَاتُوا على المَعَاصِي مِنْ السَّرِقةِ أو الزِّنَا أو الرِّبَا أو شُربِ الخَمرِ أو غَيرِ هَذَا ولم يَتُوبُوا هَؤلَاءِ هم المُرادُ في هَذِه الشَّفَاعَةِ وفي هَذَا قَولُهُ:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨].
وفي هَذَا: فَضلُ هَؤلَاءِ الرُّسُلِ عَلَيهِم الصلاة والسلام؛ لِأنَّه خَصَّهُم بِالقَصدِ بأن تَقَدَّمُ إليهم المُؤمِنُونَ وهم أُولُو العَزمِ: نُوحٌ، وإِبرَاهِيمُ، ومُوسَى، وعِيسَى، ومُحَمَّدٌ عَلَيهِم الصلاة والسلام.
(١) رواه أحمد (٢٣٩٣٧)، وأبو داود (١٤٨١)، والترمذي (٣٤٧٧).