للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيأتُونَ مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام؛ فَيقُولُ: «أنا لها»، ثم يَتَقَدَّمُ فَيسجُدُ تَحتَ العَرشِ، يَتَقَدَّمُ إلى رَبهِ ويَسجُدُ بين يَدَيهِ ويَحمَدُهُ بِمَحَامدَ كَثِيرَةٍ يَفتَحُهَا عليه سبحانه وتعالى ثم يَشفَعُ.

وهَذَا هو المَقَامُ الْمَحمُودُ الذي وَعدَهُ اللهُ به في قَولِهِ جل وعلا: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)} [الإسراء: ٧٩]، فيشَفَعُ في أَهْلِ المَوقِفِ حَتَّى يُقضَى بينهم، ويَشفَعُ فيمَن دَخلَ النَّارَ مِنْ أُمِّتهِ عِدَّةَ شَفَاعَاتٍ عليه الصلاة والسلام.

وفي هَذَا الحَدِيثِ فَوَائِدُ كَثِيرةٌ:

منها: الرَّدُّ على الخَوَارجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذُّنُوبِ ويَقُولُونَ: من عَصَى فقد كَفَر، ومَن أَتَى كَبِيرةً فقد كَفرَ، والرَّدُّ عَلَيهِم وعلى المُعتَزِلَةِ في تَخلِيدِ العُصَاةِ في النَّارِ، فَالحَدِيثُ يَدُلُّ على أَنَّهُمْ لا يُخَلُّدُونَ، وهَكَذَا بَقِيةُ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ في ذَلكَ، كُلُّها دَالَةٌ على أَنَّهُمْ لا يُخَلَّدُونَ، ولَيسُوا بِكُفَّارٍ، فَيقتَضِي من ذَلكَ بُطلَانِ قَولِ الخَوَارجِ وقَولِ المُعتَزِلةِ ومَن قَالَ بِقَولِهم مِنَ الإِبَاضِيَّةِ وغَيرِهِم ممن رَأَى خُلُودَ العُصَاةِ في النَّارِ.

وفيه من الفَوَائِدِ: فَضلُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأنَّ لَه هَذَا المقَامُ العَظِيمُ مع بَقِيةِ الأَنبِيَاءِ عَلَيهِم الصلاة والسلام، وهَذَا شَرفٌ عَظِيمٌ على رُؤُوسِ الأَشهَادِ.

وفيه من الفَوَائِدِ: أَنَّه يَحسُنُ أَمَامَ الدُّعَاءِ الثَّنَاءُ على اللهِ، إذا أَرَادَ العَبدُ أن يَدعُوَ رَبَّه أن يُثنِيَ عليه ويُمَجِّدَهُ سُبحَانَهُ ثم يَدعُو بَعْدَ ذَلكَ.

وهَذَا مَعنَى ما جَاءَ في حَدِيثِ فُضالَةَ بنِ عُبَيدٍ رضي الله عنه، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَه يَدعُو، ولم يَحمَدِ اللهَ ولم يُصَلِّ على النَّبيِّ فَقَالَ: «عَجِلَ هَذَا». ثم قَالَ: «إذا دَعَا أَحَدُكُم رَبَّه فَليبْدَأ بِتَحمِيدِ رَبِّه والثَّنَاءِ عليه، ثم يُصَلِّي

<<  <   >  >>