قَولُهُ: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠)} [البروج: ٢٠]؟
هَذَا مَعنَاهُ أَنَّه مُحِيطٌ بهم، يَعلَمُ كُلَّ شَيءٍ، وهو فَوقَ العَرشِ، «من وَرَاءِ كُلِّ شَيءٍ» يَعْنِي مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيءٍ وهو يَعلَمُ سِرَّهَم وما يُخفُونَ وما يُبدُونَ وما يَعمَلُونَ في جَمِيعِ الأَحوَالِ سبحانه وتعالى، وهو فَوقَ العَرشِ، فَمَعنَى أَنَّه وَرَاءَهُم أَنَّه مُحِيطٌ بهم جل وعلا، لا يَخفَى عليه شَيءٌ مِنْ شُؤونِهم. تَقُولُ العَربُ «أنا مِنْ وَرَائِكَ»، يَعْنِي لا أَغْفلُ عنك.
.؟
يَعْنِي تَزُورُهُ وتُحِبُّهُ وتَسمعُ حَدِيثَهُ.
وهَذَا الأَثرُ الْمُعلَّقُ يُوافِقُ الحَدِيثَ الصَّحِيحَ الْمُتصِلَ في «الصَّحِيحَينِ»: «مَنْ ذَكَرَنِي في نَفسِهِ ذَكرتُهُ في نَفسِي، ومَن ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكرتُهُ في مَلإٍ خَيرٍ منه» (١)، فهو يُشبِهُهُ في المَعنَى، فيه الحَثُّ على إِدَامَةِ الذِّكرِ بِالقَلبِ واللِّسَانِ والعَملِ، وأنَّ المُؤمِنَ كَثِيرُ الذِّكرِ بِقَلبِهِ ولِسَانهِ وعَمَلهِ، بِالقَلبِ مِثلُ خَوفِ اللهِ ومَحبَّتهِ، وتَذكُّرِ عَظَمَتِهِ واستِحقَاقِهُ العِبَادَةَ، وتَذَكُّرِ ما يَجبُ عليكَ له مِنْ حَقٍّ يَكُونُ على بَالِك، ذَاكِرًا له بِالقَلبِ خَوفًا وشَوقًا وَرَجَاءً ومَحَبَّةً وتَعظِيمًا، وبِاللِّسَانِ بِأنْوَاعِ الذِّكرِ مِثل التَّسبِيحِ والتَّحمِيدِ والتَّهلِيلِ والتَّكبِيرِ، وقَولِ: لا إِلهَ إلا اللهُ، إلى غَيرِ ذَلكَ.
وبِالعَملِ مِثْل الجَوَارِحِ: كَالصَّلَاةِ، والصَّدَقَاتِ، والجِهَادِ، والأَمرِ بِالمَعرُوفِ، والنَّهيِ عنِ الْمُنكَرِ، وغَيرِ هَذَا من أَنْوَاعِ أَعمَالِ الخَيرِ.
(١) تقدم برقم (٧٤٠٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute