وكان عِلمُ الصَّحَابةِ رضي الله عنهم أَكثَرُهُ كُلُّهُ مِنَ القُرآنِ بَعضُهُم لا يَحفَظُ إلا أَحَادِيثَ قَلِيلَةً، لكن نَفَعَهُمُ اللهُ بِعلمِهِم وعِنَايِتِهِم بِكِتَابِ اللهِ عز وجل، «هل مِنْ طَالِبِ عِلمٍ فَيُعَانُ عليه»، من أَقبَلَ على القُرآنِ هو مِنْ أَفضَلِ الطَّلَبةِ وأَهمِّ الطَّلَبَةِ وأَكمَلِهِم عِلمًا؛ لأن الإِقبَالَ على القُرآنِ مع العِلْمِ يُعطِي خَشيَةً للهِ، وتَعظِيمًا للهِ، ومُرَاقِبَةً وخَوفًا منه، وَجِدَّةً في طَاعَتِهِ، وحِرْصًا على مَرضَاتِهِ، وحَذَرًا مِنْ عِقَابهِ، فهو يُرَبِّي في القُلُوبِ الخَوفَ مِنَ اللهِ، والرَّغبَةَ فيما عنده، وخَشيَتَهُ سبحانه وتعالى مع ما يَحصُلُ منَ العِلمِ.
أيُّهما أفضَلُ يا شَيخُ، أنْ يَحفَظَ القُرآنَ أو يَتَدَبَّرُه، أو يَحفَظ قَلِيلًا منَ القُرآنِ ويَتَدَبَّرُ مَعنَاهُ؟
كَونُهُ يَحفَظُ ويَتَدَبرُ أَفضَلُ، الذي يَحفَظُ وَيَقرَأُ ولو نَظرًا ويَتَدَبَّرُ هَذَا هو العِلمُ، وإذا يَسَّرَ له حِفظَهُ كَامِلًا؛ هَذَا خَيرٌ إلى خَيرٍ، لكن تَدَبُّرُهُ والعِنَايةُ به ولو نظرًا أَفضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الحِفظِ بِغَيرِ عِنَايَةٍ.
القُرآنُ يُقَدَّمُ على مِثلِ هَذِه المَجَالِسِ؟
لا، هَذِه الْمَجَالِسُ مَجَالسُ عِلمٍ، والقُرآنُ له أَوقَاتٌ أُخْرَى، اللهُ وَسَّعَ الوَقتَ، يَجعَلُ لِلحفْظِ وَقتًا، وللتِّلَاوَةِ وَقتًا، ولِمَجَالسِ العِلْمِ وَقتًا، لا يُغنِي هَذَا عن هَذَا.
هل وَاجِبٌ على المُسلِمِ أن يَجعَلَ وَقتًا للتَّدَبُّرِ في كُلِّ يَومٍ؟
لا، ما هو بِوَاجِبٍ كُلَّ يَومٍ، حَسبَ الطَّاقَةِ، ما فيه شَيءٌ مُحَدَّدٌ،