للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالخَوارِجِ وَالجَهميَّةِ وغَيرِهِم ممَّنْ دَخلَ فِي هَذَا البَابَ فَأنْكرَ الأَسْماءَ، أوْ أَثْبتهَا وأَنْكرَ الصِّفاتِ وَالمَعانِيَ كَالمُعتزِلةِ.

وَالحقُّ الَّذِي عَليهِ أَهْلُ السُّنةِ وَالجَمَاعَةِ مِنْ أَصْحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ومَن سَلكَ سَبيلَهُم مِنْ أَئمَّةِ الهُدَى: إِثْباتُ أَسْماءِ اللهِ وَصِفاتِه جَمِيعًا عَلَى الوَجهِ اللَّائقِ بِاللهِ سبحانه وتعالى، مِنْ غَيرِ تَحْريفٍ، وَلَا تَعْطيلٍ، وَلَا تَكْييفٍ، وَلَا تَمْثيلٍ، فهُو سَميعٌ وهُوَ بَصيرٌ، بِسَمعٍ يَسمَعُ بِهِ الأَصْواتَ، وبَصرٍ يَرَى بِهِ الأَشْياءَ {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)} [الشعراء: ٢١٨، ٢١٩] {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤)} [العلق: ١٤].

فهُوَ سُبْحانَهُ يَسمَعُ أَصْوَاتَ العِبادِ، ودَعَواتِهم وتَكْبيرِهِم، وذِكرِهِم وقِراءَتِهم وَاسْتِغفارِهِم وسَائرِ حَركاتِهِم، فهُوَ يَعلَمُها سَمْعٌ وعِلْمٌ ويَرَاها، يَرى المَرئيَّاتِ، وَيَسمَعُ المَسْمُوعَاتِ بِسمْعٍ يَلِيقُ بِجلَالهِ، فهُوَ سَمِيعٌ بِسمْعٍ، وَعَليمٌ بِعلْمٍ، كَمَا أنَّهُ عَلِيمٌ بِعلْمٍ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: ١٦٦] فهُوَ سَمِيعٌ بِسمْعٍ يَسمَعُ بِهِ الأَصْواتَ لَا يُشابِهُ سَمعَ المَخلُوقِينَ، وبَصيرٌ بِبصَرٍ يَرَى بِهِ الأَشْياءَ، وهَكَذا رَحِيمٌ بِرحْمةٍ، وغَفورٌ بِمَغفرَةٍ، وجَوادٌ بِجُودٍ، وحَكيمٌ بِحكمَةٍ … إِلَى غَيرِ هَذَا مِنْ الأَسْماءِ والصِّفاتِ.

ولِهذَا ذَكرَ المُؤلِّفُ عَنْ عَائشَةَ رضي الله عنها هَذَا الأَثرَ المُعلَّقَ (١): «سُبْحَانَ مَنْ وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ» (٢)؛ لإِثْباتِ السَّمعِ، فإِنَّ الفَائدَةَ مِنْ الأَسْمَاءِ إِثْباتُ مَعَانِيهَا، فَالقَولُ بِأنَّها جَامِدةٌ لَا مَعانِيَ لهَا قَولٌ بَاطلٌ، مُخالِفٌ لمَا قُصِدَ مِنْ ذِكرِها، ومُخالِفٌ لمَا دلَّتْ عَليْهِ لُغةُ العَربِ.

فَالمَقصُودُ مِنْ ذِكْرِها: التَّعرُّفُ إِلَى عِبادِهِ بأنَّهُ يَسمَعُ كَلامَهُم حَتَّى


(١) ورواه مسلم (٢٧٠٤).
(٢) ورواه مسلم (٢٧٠٤).

<<  <   >  >>