للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذِهِ كَلمَةٌ عَظِيمةٌ، يَنبَغِي الإِكْثَارُ مِنْها «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ» فهِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنوزِ الجنَّةِ.

وَالمَعنَى - وَاللهُ أَعلَمُ - أنَّها تُفضِي بِصاحِبِها وَيحصُلُ لِصاحِبِها مِنْ الخَيرِ مَا هُوَ كَنْزٌ فِي الجنَّةِ مِنْ النَّعِيمِ وَالثَّوَابِ؛ لِأنَّهَا كَلِمَةٌ فِيهَا التَّجرُّدُ مِنْ الحَوْلِ وَالقُوَّةِ، وأنَّكَ ضَعِيفٌ، وأنَّكَ لَا حَوْلَ لكَ عَلَى شَيءٍ، وَلَا قوَّةَ لكَ عَلَى شَيءٍ إلَّا بِاللهِ سبحانه وتعالى.

«لَا حَولَ» يَعنِي: لَا تَحوُّلَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَلَا مِنْ ضَعْفٍ إِلَى قوَّةٍ، وَلَا مِنْ قوَّةٍ إِلَى ضَعْفٍ، وَلَا مِنْ غِنًى إِلَى فَقرٍ، وَلَا مِنْ فَقْرٍ إِلَى غِنَىً إلَّا بِاللهِ، وَلَا قوَّةَ عَلَى ذلِكَ إلَّا بِاللهِ سبحانه وتعالى. فهِيَ كَلمَةٌ عَظيمَةٌ، فِيهَا غَايةُ التَّجرُّدِ مِنْ حَولِك وَقوَّتِك، وَأنَّك فَقِيرٌ إِلَى ربِّكَ، وَأنَّهُ الغَنيُّ الحَمِيدُ، وَأنَّهُ المُتصَرِّف فِي عِبادِهِ، وأنَّ العِبادَ ضُعَفاءُ إلَّا بِاللهِ سبحانه وتعالى.

وهذِهِ الكَلمَةُ مَشرُوعةٌ عِنْدَ «حيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حيَّ عَلَى الفَلاحِ» وَالحِكمةُ فِي ذلِكَ: أنَّ العَبدَ لَا يَقوَى عَلَى ذَهابِهِ إِلَى الصَّلاةِ وَإِجابَتهِ المُنادِي إلَّا بِاللهِ، إنْ قوَّاهُ اللهُ وَأعَانَهُ، وَإلَّا كَسِلَ وَضَعُفَ، فَناسَبَ عِنْدَ قَولِهِ: حيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حيَّ عَلَى الفَلاحِ - يَعنِي: تَقدَّمُوا، يَعنِي: أَقْبلُوا إِلَى الصَّلاةِ وإِلَى الفَلاحِ - فَناسَبَ عِنْدَ هَذَا أنْ يَقولَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ» يَعنِي: لَا حَولَ لِي عَلَى إِجابَةِ هَذَا المُؤذِّنِ، وَلَا قُوَّةَ لِي عَلَى إِجابَتهِ وَالحُضُورِ إِلَى الصَّلاةِ إلَّا بِاللهِ، أيْ: إلَّا بِكَ يَا ربِّ، فأَعِنِّي عَلَى هذِهِ الإِجابَةِ.

وتُقالُ عِنْدَ الأُمورِ المُهمَّةِ، فهِيَ كَلمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ الأُمُورِ المُهِمَّةِ الَّتِي يَخْشى

<<  <   >  >>