للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِذَا كَانَ نَبيُّ الأُمَّةِ يُعلِّمُ الصِّديقَ هَذَا الدُّعاءَ الَّذِي فِيهِ الاعْتِرافُ بِأنَّهُ ظَلَمَ نَفسَهُ ظُلمًا كَثِيرًا، وَأنَّهُ فِي حَاجَةٍ إِلَى المَغفِرةِ، فَغيرُ الصِّدِّيقِ مِنْ بَابِ أَوْلى بِدرَجاتٍ كَثِيرةٍ.

«اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا» فَالظُّلمُ يَتنَوَّعُ: بِالغِيبَةِ، بِالنَّمِيمةِ، بِتقْصِيرهِ فِي حقِّ أَهلِهِ، بِتقْصِيرهِ فِي وَلدِهِ، بِتَقْصيرِهِ فِي جَارِهِ، مَنْ يَعدُّ أَنْوَاعَ الظُّلمِ وَأنْواعَ التَّقصِيرِ؟! والعَبدُ قدْ يَغفُلُ عَنْها وَلَا يَدرِي عنْها، يَحسَبُ أنَّهُ سَلِيمٌ، لكِن إِذَا تَأمَّلَ ونَظرَ عَرفَ مَا عِندَهُ مِنْ الظُّلمِ.

والظُّلمُ يُطلَقُ عَلَى المَعاصِي، سَواءٌ كَانتْ فِي حقِّ اللهِ أوْ فِي حقِّ العِبَادِ، كَمَا يُطلَقُ عَلَى الشِّركِ، وهُوَ أَعظَمُ الظُّلمِ.

«اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا». وفِي رِوايَةٍ: «كَبِيرًا» (١). وَالمَشْهُورُ فِي الرِّوايَةِ: «كَثِيرًا».

«وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ» عدَّةُ وَسائِلَ:

١ - اعْتِرافُهُ بأنَّهُ ظَالِمٌ لِنفْسِهِ.

٢ - الثَّانِي: أنَّهُ ظُلمٌ كَثِيرٌ.

٣ - الثَّالثُ: أنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي يَغفِرُ الذُّنُوبَ، مَا فِي أَحَدٌ يَغفِرُ الذُّنُوبَ سِوَاهُ.

٤ - وَالرَّابعُ: الدُّعَاءُ: «فَاغِفْرِ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ»، طَلَبُ المَغفِرَةِ، قَولُهُ: «مِنْ عِنْدِكَ» مَا هِيَ مِنْ عِنْدِ النَّاسِ، مِنْ عِنْدِكَ أَنْتَ تَأمُرُ بِها، وَأنتَ تَتَفضَّلُ بِها عَليَّ فَضْلًا مِنْكَ وَإحْسَانًا.

٥ - ثمَّ خَامِسًا: «إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ».

٦ - سَادِسًا: «الرَّحِيْمُ». عدَّةُ وَسائِلَ، اللهُ أَكْبَرُ.


(١) ورواه مسلم (٢٧٠٥).

<<  <   >  >>