للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا الحَدِيثُ حَدِيثٌ عَظِيمٌ جَلِيلٌ، وهُوَ حَدِيثُ فَزعِ النَّاسِ يَومَ القِيامَةِ وتَوجُّهُهم إِلَى آدَمَ، ثمَّ إِلَى نُوحٍ، ثمَّ إِلَى إِبْراهِيمَ، ثمَّ إِلَى مُوسَى، ثمَّ إِلَى عِيسَى، ثمَّ إِلَى مُحمَّدٍ، عَليْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ.

يَومُ القِيَامَةِ يَومٌ عَظِيمٌ، شَدِيدُ الأَهْوالِ، يُحشَرُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أوَّلِهِم إِلَى آخِرِهم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)} [الواقعة: ٤٩، ٥٠]، وَقالَ تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: ٩]، هَذَا يَومُ القِيامَةِ، يَومٌ مِثلُ مَا قَالَ اللهُ فِيهِ: {(٣) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤)} [المعارج: ٤ - ١٤]

فهُوَ يَومٌ عَظِيمُ الهَولِ، يَفزَعُ النَّاسُ فِيهِ -يَوم القِيامَةِ- ويَشْتَدُّ كَرْبُهُم، ويَجمَعُ اللهُ المُؤمِنينَ، فَيقُولُونَ: اذْهبُوا إِلَى أَبِيكُم آدَمَ؛ لِيشْفَعَ لِلنَّاسِ.

وَهوَ [يَومٌ] مُيَسَّرٌ عَلَى المُؤمِنِينَ، يَومٌ يَسِيرٌ عَلَى أَهْلِ الإِيمَانِ، وَلكنَّهُ عَسِيرٌ عَلَى أَهْلِ الكُفرِ بِاللهِ، {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)} [الفرقان: ٢٦]، {هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)} [القمر: ٨] يَعنِي: بِالنِّسبَةِ إِلَى أَعْداءِ اللهِ {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)} [المدثر: ٨ - ١٠].

وتَقدَّم أنَّهُ يَعرَقُ النَّاسُ فِيهِ عَرقًا عَظِيمًا عَلَى قَدرِ خَطايَاهُم، مِنهُمْ مَنْ يَبلُغُهُ

<<  <   >  >>