العَرقُ إِلَى الكَعبِ، يَخُوضُهُ كَمَا يُخَاضُ السَّيْلُ، ومِنهُم مَنْ يَرتَفعُ العَرقُ معَهُ إِلَى رُكْبتِهِ، وإِلَى حَقْوِهِ، ومِنهُم من يُلْجِمُهُ العَرقُ إِلْجَامًا؛ فَيَأتُونَ آدَمَ -المُؤمِنُونَ يَأتُونَ آدَمَ- يَقُولُونَ: أنْتَ أبُو البَشرِ، خَلقَكَ اللهُ بِيدِهِ، وَأسْجَدَ لكَ مَلائِكتَهُ، وعلَّمَكَ أَسْمَاءَ كلِّ شَيءٍ.
وَالشَّاهِدُ قَولَهُ: «خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ» فِيهِ إِثْباتُ صِفةِ اليَدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]، خَلقَ اللهُ آدَمَ بِيَدهِ، هذِهِ مِيزَةٌ لِآدَمَ عليه السلام، وخِصِّيصَةٌ لآدَمَ عليه السلام، خَلقَهُ اللهُ بِيدِهِ مُباشَرَةً.
فَاللهُ يُوصَفُ بِاليَديْنِ، كَمَا قَالَ جَلَّ وعَلَا: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤]، فهُمَا يَدانِ حَقِيقَتانِ، لَا مَجَازًا كَمَا يَقُولُهُ أَعْداءُ اللهِ مِنَ الجَهمِيَّةِ وَالمُعتَزلَةِ وَأَشْباهِهِم، لَا، بلْ يَدانِ حَقِيقَتانِ، يُوصَفُ بِهِمَا ربُّنَا جَلَّ وعَلَا، لَا تُشبِهُ أَيدِي البَشرِ وَلَا أَيدِي غَيرِ البَشرِ، لَا تُشبِهُ أَيدِي المَخْلُوقاتِ، يَدانِ عَظِيمَتانِ لَائِقتَانِ بِاللهِ، لَا يُشبِهُ فِيهَا خَلقَهُ، كَالسَّمْعِ وَالبَصرِ وَالقَدمِ وَالغَضَبِ وَالرِّضَا وَالرَّحمَةِ وغَيرِ هَذَا مِنْ صِفاتِهِ سُبْحانَهُ وتَعَالَى، كلُّهَا تَلِيقُ بِاللهِ، لَا يُشابِهُ فِيهَا خَلقَهُ جل وعلا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى: ١١]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} [الإخلاص: ٤]، {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧٤)} [النحل: ٧٤]، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)} [مريم: ٦٥].
ومِنْ خَصَائِصِ آدَمَ: أنَّ اللهَ أَسْجدَ لَهُ مَلائِكتَهُ؛ تَكْرِيمًا وتَعْظِيمًا وتَقْدِيرًا لِمكَانَتهِ العَظِيمةِ مِنَ اللهِ، وعلَّمَهُ أسْمَاءَ كلِّ شَيءٍ، كَمَا دَلَّ عَليْهِ كِتابُ اللهِ فِي سُورَةِ البَقرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute