للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحْسَنَ اللهُ إِليْكَ، قَولُهُ عَنْ نُوحٍ عليه السلام: «إِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى الأَرْضِ». وَآدَمُ وَإِدْريسُ -عليهما السلام- كَانَا مِنَ الرُّسلِ؟!

آدَمُ عليه السلام رَسولٌ إِلَى نَفسِهِ وإِلَى ذُرِّيتهِ، مَا بَعدُ وَقعَ الشِّركُ، ونُوحٌ عليه السلام أَوَّلُ رَسُولٍ أَرْسلَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ بَعدَ وُقُوعِ الشِّركِ.

وقَالَ بَعضٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي آدَمَ عليه السلام: لَيسَ بِرَسُولٍ، ولَكنَّهُ نَبيٌّ فقَطْ، أُوحَى اللهُ إِليْهِ بِشَرعٍ دَرَجَ عَليْهِ هُوَ وَجَماعَتُهُ -ذُرِّيتُهُ- وأمَّا نُوحٌ عليه السلام فهُوَ أوَّلُ رَسُولٍ، كَمَا قَالَ آدَمُ عليه السلام لمَّا قَالَ لِلأُمَّةِ: «اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ فَإنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ». وهَذَا قَولٌ جيِّدٌ، فإِنَّ النُّبوَّةَ ثَابِتةٌ لآدَمَ عليه السلام، وَالنَّبيُّ يُوحَى إِليْهِ بِشَرعٍ يَسِيرُ عَليْهِ وَيَعبُدُ اللهَ بِهِ، وَالرَّسُولُ هُوَ الَّذِي يُؤمَرُ بِالتَّبلِيغِ، يُؤمَرُ بِتبْلِيغِ النَّاسِ.

ويَحتَمِلُ أنَّهُ مِثلُ مَا تَقدَّمَ أنَّهُ رَسُولٌ وَنبِيٌّ، لكِنْ قَبلَ وُقُوعِ الشِّركِ، قَالَ ابْنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: كَانَ آدَمُ وَعَشرَةٌ قُرُونٍ بَعدَهُ كُلُّهُم عَلَى الإِسْلَامِ مِنْ ذُرِّيتِهِ، حَتَّى وَقعَ الشِّركُ فِي قَومِ نُوحٍ، فَأرْسَلَ اللهُ إِليْهِم نُوحًا عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (١)، فَكَانَ أوَّلَ رَسُولٍ بِالنِّسبَةِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ بَعدَما وَقعَ فِيهِمُ الشِّركُ.

عَفَا اللهُ عَنكَ، قَولُهُ: «فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا» يَدلُّ عَلَى أنَّهُ يَرَى ربَّهُ؟

نعَمْ، صَرِيحٌ، يَرَاهُ يَومَ القِيامَةِ، وَالمُؤمِنُونَ يَرَوْنهُ يَومَ القِيَامَةِ أيْضًا.


(١) رواه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٢٧٥) موقوفًا، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ٥٩٦)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>