للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّنَّةِ وَالجَماعَةِ قَاطِبةً وهُم أَصْحابُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأَتْباعُهُم بِإِحْسَانٍ، هَذَا قَولُهُم فِي هَذَا المَقَامِ، لَا يُخلَّدُ فِي النَّارِ إلَّا الكُفَّارُ بِاللهِ، الكُفْر الأَكْبَر، همُ المُخلَّدُونَ فِي النَّارِ أَبدَ الآبَادِ.

وَأمَّا العُصَاةُ الَّذينَ مَاتُوا عَلَى التَّوحِيدِ، المَحكُومُ بِإِسْلامِهم حِينَ مَاتُوا، لكِنْ عِنْدَهم جَرائِمُ مِنَ الزِّنَا أوِ السَّرِقةِ أوِ الخَمرِ أوِ العُقُوقِ لِلوَالِديْنِ أوِ الرِّبَا أوْ شِهادَةِ الزُّورِ أوْ غَيرِ هَذَا منَ المَعَاصِي الَّتِي لم يَستَحِلُّوهَا، بلْ فَعلُوهَا لِأهْوَاءٍ وَلِشهَوَاتٍ ولِأَغْراضٍ -هَؤُلاءِ تَحتَ مَشِيئةِ اللهِ، إنْ شَاءَ عذَّبَّهُم وَلهُمْ نِهايَةٌ يَخْرجُونَ مِنَ النَّارِ، وإنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُم لِأسْبَابٍ تَقْتضِي ذلِكَ بِمَحْضِ جُودِهِ وكَرمِهِ، ولَيْسُوا كفَّارًا ولَيسُوا مُخلَّدِينَ، لَيسَ العُصَاةُ كُفَّارًا كَمَا تَقُولُهُ الخَوارِجُ، وَليْسُوا مُخلَّدِينَ فِي النَّارِ كَمَا تَقُولهُ المُعتَزِلةُ وَمَنْ سَارَ فِي رِكابِهِم، كَالإِبَاضيَّةِ ونَحْوِهِم، هَؤلَاءِ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَخَالفُوا الأدِلَّةَ الشَّرعِيَّة وخَالَفُوا مَا دَرجَ عَليْهِ سَلفُ الأُمَّةِ.

وَالصَّوابُ أنَّهُم لَيسُوا كفَّارًا وَلَا مُخلَّدينَ خُلُودًا دَائمًا، بَلْ لهُمْ نِهايَةٌ يَخْرجُونَ [فِيهَا] مِنَ النَّارِ، إِذَا كَانُوا مَاتُوا عَلَى الإِسْلامِ لَيسُوا كُفَّارًا، ولَكنْ عِنْدَهُمْ مَعَاصٍ مَاتُوا عَليْها لمْ يَتُوبُوا مِنْها، فهُمْ تَحتَ مَشِيئَةِ اللهِ، ولهُمْ أمَدٌ يَنْتهُونَ إِليْهِ بِخُروجِهِم، وهُم مُتَفاوِتُونَ عَلَى قَدرِ مَعاصِيهِم، مِنهُم مَنْ تَطُولُ مُدَّتهُ فِي النَّارِ، وَمنْهُم مَنْ لَا تَطُولُ، عَلَى حَسبِ أَحْوالِهِم وَمَعاصِيهِم وَكَثْرتِها وقِلَّتِها، رَزَقَ اللهُ الجَمِيعَ العَافِيةَ وَلَا حَولَ وَلَا قوَّةَ إلَّا بِاللهِ.

<<  <   >  >>