تُطبَقُ النَّارُ عَلَى أَهْلِها أَبدَ الآبَادِ، نَسْألُ اللهَ العَافِيةَ.
وفِي هَذَا إِثْباتُ الشَّفَاعَةِ ردًّا عَلَى المُعتَزِلةِ وَالخَوارِجِ الَّذينَ يَقُولُونَ: مَنْ دَخلَ النَّارَ منَ العُصَاةِ لَا يُخرَجُ منَ النَّارِ، عِنْدَ الخَوارِجِ وَالمُعتَزِلةِ ومَنْ سَلكَ مَذْهبَهُم مِنْ سَائِرِ طَوائِفِ المُبْتدِعَةِ يَقُولُونَ: العَاصِي لَا يُخْرَجُ منَ النَّارِ، بلْ يُخلَّدُ أَبدَ الآبَادِ. فعِنْدهُم الزَّانِي مُخلَّدٌ، وَالسَّارِقُ مُخلَّدٌ، وشَارِبُ الخَمْرِ مُخلَّدٌ، وَهكَذَا.
وَهذَا غَلَطٌ مِنْهُم عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَماعَةِ، وَالخَوارِجُ يَزِيدُونَ فِي هَذَا ويُكفِّرُونَهُم أيْضًا، لكِنْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَماعَةِ يَقُولُونَ: لَا، لَيسُوا كُفَّارًا وَليْسُوا مُخلَّدِينَ الخُلُودَ خُلُودَ الكُفَّارِ، بلْ هُمْ تَحتَ مَشِيئَةِ اللهِ، كَمَا قَالَ اللهُ سُبْحانَهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] فِي آيَتَينِ مِنْ كِتَابِهِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ.
فَأَبانَ سُبْحانَهُ أنَّ العُصَاةَ تَحتَ مَشِيئَةِ اللهِ سُبْحانَهُ، لَا يُخلَّدُونَ، بلْ تَحتَ مَشِيئتِهِ عز وجل.
وهَذَا هُوَ الحَقُّ، أنَّ لهُمْ نِهايَةً، وأنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى المَعْصيَةِ لَيسَ مُستَحِلًّا لَهَا وَليْسَ كَافِرًا أنَّهُ لَهُ نِهايَةٌ، فَيَبقَى فِي النَّارِ مَا شَاءَ اللهُ، ثمَّ يُخرِجُهُ اللهُ منَ النَّارِ بِتوْحِيدِهِ وَإِسْلَامِهِ الَّذِي مَاتَ عَليْهِ، وإنْ مَضَى عَليْهِ دَهرٌ طَوِيلٌ فِي النَّارِ بِسبَبِ مَعاصِيهِ وَجَرائِمهِ الَّتِي مَاتَ عَليْهَا، فَإنَّ لَهُ نِهَايةً.
وَهذَا مَقَامٌ عَظِيمٌ يَنْبغِي لِطَالبِ العِلْمِ أنْ يَكُونَ عَلَى بيِّنةٍ مِنهُ، فَإنَّهُ فِيهِ مُفتَرقُ الطُّرقُ، وقدْ وَقعَ فِي هَذَا البَابِ أَخْطاءٌ عَظِيمَةٌ، وشَرٌّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ، فأَهْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute