للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَقَامُوا فَأخْلَدُوا

المَقصُودُ: أنَّهُم قِسْمانِ: قِسْمٌ يُخلَّدُونَ أَبَدَ الآبَادِ، وهُمُ الكُفَّارُ، وقِسْمٌ لَا يُخلَّدُونَ إلَّا خُلُودًا مُؤقَّتًا لَهُ نِهَايَةٌ، وهُم العُصَاةُ الَّذينَ تَقتَضِي جَرائِمُهم وَمَعاصِيهِم تَخْليدَهُم، يَعنِي: تَطْويلَ عَذابِهِم.

وفِي هَذَا الحَدِيثِ أنَّهُ شَفعَ ثَلَاثَ شَفَاعَاتٍ، وجَاءَ فِي الرِّوايَةِ الأُخرَى فِي «الصَّحِيحِ» أنَّهُ شَفعَ أَرْبعَ شَفاعَاتٍ -أرْبَعًا- يَشفَعُ فَيَحُدُّ اللهُ لَهُ حَدًّا، فيَذْهبُ إِلَى النَّارِ فيُخْرجُهُم بِالعَلامَاتِ الَّتِي يَجْعَلُها اللهُ لَهُ، ثمَّ يَعُودُ فَيَشفَعُ فيَحُدُّ اللهُ لَهُ حَدًّا، ثمَّ يَعُودُ فيَشْفعُ فيَحُدُّ اللهُ لَهُ حَدًّا، ثمَّ يَعُودُ فيَشفَعُ، أَرْبعَ مرَّاتٍ، ثمَّ يَقُولُ: «يَا رَبِّ لَمْ يَبْقَ فِي النَّارِ إلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ» يَعنِي حَسبَ عِلمِهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، حَسَبَ العَلَامَاتِ الَّتِي أُعْطِيَ إِيَّاهَا، وَإلَّا فَقدْ بَقِيَ فِي النَّارِ غَيرُهُم، لكِنْ حَسبَ عِلمِهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَحَسبَ مَا عِندَهُ مِنَ العَلَامَاتِ يَقُولُ: «لَمْ يَبْقَ فِي النَّارِ إلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ»، إلَّا الَّذِي يَعنِي لَهُ الخُلُودُ الدَّائِمُ.

وَجَاءَ فِي «الصَّحِيحِ» أيْضًا أنَّهُ يَبْقَى فِي النَّارِ بَقيَّةٌ لَا تَشمَلُهُم شَفَاعَةُ الشُّفَعاءِ، فيُخْرجُهُم اللهُ بِفضْلِ رَحْمتِهِ سُبْحانَهُ وتَعَالَى: «لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ» (١)، إلَّا أنَّهُم مَاتُوا عَلَى التَّوحِيدِ، إلَّا أنَّهُم مَاتُوا وهُمْ يَقُولُونَ: لَا إِلهَ إلَّا اللهُ، يَعنِي: مَاتُوا عَلَى التَّوحِيدِ، لكِنْ لهُمْ ذُنُوبٌ ولهُمْ سَيِّئاتٌ حَبَستْهُم، مَا تَابُوا مِنْها وَلمْ تَشْمَلْهُم الشَّفَاعَاتُ؛ فيُخْرجُهُم اللهُ بَعدَ ذلِكَ بِفضْلِ رَحمَتهِ، وبَعْدهَا


(١) رواه مسلم (٣٠٢) (١٨٣).

<<  <   >  >>