للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث إن استفادة هذا الحكم لم تستند إلى لفظ منطوق به في الكلام سمي مفهوماً؛ ومن حيث إنه كان مخالفاً للحكم المنطوق به سمي مخالفاً فقيل: مفهوم المخالفة أو المفهوم المخالف.

ولكن من لا يرى حجية مفهوم المخالفة يقول: إن عدم إيجاب الزكاة في الغنم المعلوفة لم يتعين منشؤه؛ فلا يدرى أهو دلالة التقييد بوصف السوم أم للعدم الأصلي؟ الذي هو براءة الذمة من التكاليف حتى يدل دليل على انشغالها؟

ذلك أننا قد وجدنا بالاستقراء لجزئيات كثيرة وردت بها نصوص شرعية مقيد حكم كل منها بقيد، وثبت انتفاء حكم الواقعة المنصوص عليه عند انتفاء القيد، وكان ذلك الانتفاء موافقاً للعدم الأصلي١، ومن


١ فكل من مفهوم المخالفة والعدم الأصلي متفق من حيث النتيجة العملية، وهي عدم إيجاب الزكاة في الغنم غير السائمة.
قال صاحب التيسير مع شرح التحرير: " لا يمنع من نفي الحنفية للمفهوم موافقة أصحابنا للشافعية في غالب الأحكام التي أخذها الشافعية من مفهوم المخالفة؛ لأن أصحابنا استندوا في هذه الأحكام لغير مفهوم المخالفة، وهو إما استصحاب العدم الأصلي (البراء الأصلية) .
وإما استصحاب أصل أتى به الشارع، فمن الأول عدم إيجاب الزكاة في الغنم المعلوفة، ومن الثاني عدم جواز ضرب القاذف أكثر من ثمانين جلدة؛ لأنه مأخوذ من عموم الدليل على المنع من الأذى".
تيسير التحرير ١/١٥٠، والتوضيح ١/١٤٤، والوسيط في أصول الحنفية للشيخ أحمد فهمي أبو سنة ص: ١٢٩، والمناهج الأصولية ص: ٤٤٠.
وفي نسمات الأسحار سرح المنار يقول في ص: ٥٠: "والحنفية ينفون مفهوم المخالفة بأقسامه في كلام الشارع فقط، ويضيفون حكم الصفة، والشرط إلى الأصل وهو العدم الأصلي الذي هو براءة الذمة من التكاليف قبل ورود الشرع، وحكم الغاية والعدد إلى الأصل الذي قرّره السمع"، وفي المنار مع حواشيه ص: ٥٤٦، نحو هذا الكلام.

<<  <   >  >>