للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: في المقيدات المنفصلة التي هي موضع خلاف]

...

١ - التقييد بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وتقريره:

لقد ذكر الأصوليون أن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وتقريراته من مخصصات العام، كما ذكر بعض شراح الكتب المتأخرون أن ذلك من مقيدات المطلق١.

ولكن يبدو لي أن فعل الرسول وتقريره لا يصلحان لتقييد المطلق لعدم تصور التقييد بهما، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو أعتق رقبة مؤمنة في ظهار لم يكن ذلك دليلاً على تقييد الرقبة المطلقة في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} ، لأنه صلى الله عليه وسلم بفعله هذا يكون ممتثلاً للأمر المطلق؛ إذ إن الرقبة المؤمنة إحدى الرقاب المدلول عليها بقوله - تعالى -: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ؛ فلا يكون ذلك تقييداً.

وكذا لو أعتق أحد رقبة مؤمنة في كفارة الظهار، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك لا يكون التقرير دليلاً على تقييد الرقبة المطلقة في آية الظهار، وهذا بخلاف التخصيص بفعله صلى الله عليه وسلم، فإنه متصور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إما أن يفعل فعلاً مما نهى عنه بلفظ عام أو يترك فعلاً قد وجب بأمر عام، فيكون ذلك تخصيصاً لما تناوله النهي أو الأمر من أفراد العام.


١ غاية الوصول ص: ٨٢، وشرح المحلى على جمع الجوامع مع حاشية البناني ٢/٤٩، وشرح الكوكب المنير للفتوحي الحنبلي ص: ٢١٤.

<<  <   >  >>