استدل الحنفية ومن وافقهم على منع الاحتجاج بمفهوم المخالفة في نصوص الشرع، بعدة أدلة، أظهرها ما يلي:
١ - قالوا: إن دلالة التقييد على نفي الحكم عن غير المتصف بالقيد ينبغي أن تثبت بما تثبت به الأوضاع اللغوية لمساس علاقة هذه الدلالة باللغة، وطريق إثبات الأوضاع اللغوية إما أن يكون بدليل عقلي، أو بدليل نقلي، ولا سبيل إلى إثباتها بطريق العقل؛ لأنه لا مجال له في اللغات، ولا دخل له في وضع الألفاظ.
والنقلي إما متواتر أو آحاد، ولا سبيل للقول بالأول، وهو المتواتر، لأن المتواتر لو كان موجوداً، لما وقع الاختلاف بين العلماء في حجية مفهوم المخالفة، نظراً إلى أن المتواتر لا يدع مجالاً للاختلاف، وحيث إن الاختلاف واقع في هذه المسألة؛ فإنه يدل على عدم توفر الدليل النقلي المتواتر فيها.
بقي الدليل النقلي الأحادي وهو لا يفيد في هذه المسألة؛ لأنه يفيد
١ الأحكام للآمدي ٢/١٥٣، والأحكام لابن حزم ٧/٨٨٦، والمستصفى للغزالي ٢،٤٢، ومسلم الثبوت ١/٤٣١، وتيسير التحرير ١/١٤٩ - ١٥٠، والعضد على مختصر ابن الحاجب ٢/١٧٤، وإرشاد الفحول ص: ١٧٨.