لما كان مفهوم المخالفة حجة شرعية لدى جمهور الأصوليين، دل عليها النص لغة وشرعاً، فيعتبر ما يستنبط عن طريقه حكماً شرعياً ثابتاً بالنص نفسه كالحكم الثابت بالمنطوق، وبالتالي تجري عليه الأحكام التي تجري على الحكم المستفاد من المنطوق، فيجري التعارض بينه وبين الحكم المنطوق على اعتبار أنهما ثابتان بالنص كما يجوز نسخه والقياس عليه.
وأما على رأي الأحناف ومن وافقهم، الذين يرون أن انتفاء الحكم عند انتفاء القيد الثابت بالعدم الأصلي في بعض الحالات، فلا يكون الحكم الثابت للمحل المسكوت عنه في كل الحالات حكماً شرعياً، بل مجرد حكم عقلي، وحينئذ فلا يستفاد من النص الذي ورد معه القيد إلا حكم واحد هو المنطوق به، والشارع ساكت عن غيره لم يتعرض له بنفي أو إثبات فيبقى على العدم الأصلي عارياً عن الحكم الشرعي حتى يرد دليل من الشارع ينتهض بحكمه، ولا مجال للقول بمفهوم المخالفة في إثبات الحكم فيه، لأن مفهوم المخالفة ليس بحجة شرعية عند الأحناف، وهذا يتضح بالأمثلة الآتية:
١ - فمثال تعارض المفهوم مع المنطوق، قوله تعالى في شأن ميراث بنات المتوفى:{فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} ١، مع قول الرسول