للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأحد من نظر الزَّرْقاء١، إلى أجل من خطر العَنْقاء،؛ وينشد قول أبي العلاء بن سليمان٢، شاعر معرة النعمان:

أرى العنقاء تكبر أن تُصَادَا

وأنا أقسم بالربيع الممطر وائتلاف أوانه، والبقيع المزهر واختلاف ألوانه، والشباب ودولته، والمِضْراب وصولته، والمثاني إذا نُسقت٣، والقناني وما وَسَقَتْ٤، وإن أقسمت من بعضها بيمين، لا أتلقى رايتها بشمال ولا يمين -أن اسمي في البلغاء والفهماء، كاسم العنقاء في الأسماء: اسم ما وقع على مسمًّى، ولفظ ما دل على معنًى. فأين أقع مما تريد، وكتابى بين يدي حمدي أو عتابي بريد، ينفض تهائم ظنوني، أو ينقض تمائم جنوني. وله الرأي العالي في الجواب، على خطإ كنت من ظني أو صواب، إن شاء الله -عز وجل-.

ومن سلامي، علي عمادي الأعظم وإمامي، أحفله وأحفده٥، وأجزله وأوفده؛ والسلام الأتم الأعم عليه ورحمة الله وبركاته.

فراجعه الوزير أبو عبد الله برسالة لم يكتب مثلها في بابها، أبدع فيها غاية الإبداع، وإن كان فيها بعض تكلف، تسمى هذه الرسالة: الحولية, منعني من إيرادها في هذا المرسوم ما فيها من الطول.

ولأبي محمد عبد المجيد المذكور إحسان قد اشتهر عندنا بتلك الأقطار شهرة الأمثال، وسار ذكره فيها سير الجنوب والشمال.

واتصلت حال أمير المسلمين يوسف -كما ذكرنا- في إيثار الغزو، وقمع٦ ملوك الروم، والحرص على ما يعود بالمصلحة على جزيرة الأندلس، إلى أن توفي في شهور سنة ٤٩٣.


١- الزرقاء: أعني: زرقاء اليمامة، وكانت مشهورة بحدة النظر.
٢- هو أبو العلاء، أحمد بن عبد الله بن سليمان بن التنوخي المعري: شاعر فيلسوف، ولد في معرة النعمان، وفقد بصره صغيرًا، وتوفي سنة ٤٤٩هـ/١٠٥٧م. "وفيات الأعيان، ابن خلكان:١١٣/١".
٣- نسقت: نظمت، رتبت.
٤- وسقت: حملت.
٥- أحفده: يقال: حفد الرجل حَفَدَانًا: خَفَّ وأسرع في عمله، وحفد فلانًا: أعانه وخف إلى خدمته.
٦- قمع فلانًا قمْعًا: منعه عما يريد، أو قهره وذلله.

<<  <   >  >>