للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أن تم له ما أراد من ذلك. وبلغني أن جملة ما أنفق في هذه السفرة مائة وعشرون حملًا ذهبًا.

ثم رجع إلى مراكش دار الملك، بعد أن ترك بإفريقية من الموحدين وأصناف الجند من يقوم بحمايتها ويذود عنها من رامها. واستعمل عليها من أشياخ الموحدين أبا محمد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص عمر إينتي، فأقام بمراكش.

انتقاض الهدنة بين الموحدين والفرنجة

وكان رجوعه إليها في شهور سنة ٦٠٤، فأقام بها -كما ذكر- إلى أول سنة ٦٠٧، فانتقض ما بينه وبين الأدفنش -لعنه الله- من المهادنة، وبدا له أن يقصد بلاد الروم للغزو؛ فخرج بالجيوش حتى عبر البحر؛ وكان عبوره في شهر ذي القعدة من سنة ٧ المذكورة، فسار حتى نزل إشبيلية على عادة من سلف قبله؛ فأقام بها بقية السنة المذكورة.

فتح شَلْبَتِرَّة

وتحرك في أول سنة ٨ فقصد بلاد الروم؛ فنزل على قلعة عظيمة لهم في غاية المنعة تدعى شلبترة -معناه بلسان العرب: الأرض البيضاء، إلا أن فيه تقديمًا وتأخيرًا كما جرت العادة في لسان العجم- ففتحها بعد حصار وتضييق عليها شديد. وكان أبوه قد نزل عليها قبل ذلك فحاصرها أيامًا يسيرة ثم تركها شفقة على المسلمين وخوفًا عليهم. فراع فتح هذه القلعة الروم، وخامرهم الرعب١؛ وخرج الأدفنش -لعنه الله- إلى قاصية بلاد الروم مستنفرًا من أجابه من عظماء الروم وفرسانهم وذوي النجدة٢ منهم؛ فاجتمعت له جموع عظيمة من الجزيرة نفسها ومن السام، حتى بلغ نفيره٣ إلى القسطنطينية، وجاء معه صاحب بلاد أرغن المعروف بـ البرشنوني -لعنه الله-!.

أشهر الإمارات الإسبانية في ذلك العهد

وذلك أن جزيرة الأندلس يملك جهاتها الأربع أربعة ملوك من الروم:

إحدى الجهات تسمى أرغون -وهي التي ذكرنا- وهي شرقي الجزيرة مما يقابل الجنوب منها.


١- خامرهم الرعب: خالطهم, ومازجهم.
٢- النجدة: الشجاعة في القتال، أو سرعة الإغاثة.
٣- النفير: القوم ينفرون للقتال.

<<  <   >  >>