للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويخرج الخليفة من خيمته راكبًا وأعيان القرابة وأشياخ الموحدين بين يديه مشاة خطوات كبيرة؛ ثم يأمرهم بالركوب؛ فإذا ركبوا وقف وبسط يديه ودعا، فإذا فرغ الدعاء افتتح القراءة طلبة الموحدين خلفه؛ فيقرءون حزبًا من القرآن في نهاية الترتيل، وهم سائرون سيرًا رفيقًا، ثم شيئًا من الحديث. ثم يقرءون تواليف ابن تومرت في العقائد بلسانهم وباللسان العربي؛ فإذا فرغوا وقف الخليفة أيضًا وبسط يديه ودعا. وإذا كان وقت النزول أيضًا نزلوا مشاة بين يديه إلى خيمته؛ فإذا بلغها بسط يديه ودعا؛ فلا يزال هذا دأبهم في جميع سفرهم كله.

صفة أحوالهم في إقامة الجمعة

فأما صفة أحوالهم وخطبتهم في جمعهم، فيخرج الخليفة منهم عند زوال الشمس من خَوْخَة١ في القبلة، ويخرج معه خواص حشمه٢، ويركع ركعتين ثم يجلس؛ فيقرأ قارئ قدر عشر آيات، حسن القراءة, حسن الصوت. ثم يقوم رئيس المؤذنين ومعه العصا التي يتوكأ عليها الخطيب فيقول: قد فاء الفيء يا سيدنا أمير المؤمنين، والحمد لله رب العالمين! يريد بهذا القول استئذانه في صعود الخطيب المنبر، فيقوم الخطيب ويصعد المنبر، ثم يناوله ذلك الرجل العصا. فإذا جلس الخطيب فوق المنبر أذن ثلاثة من المؤذنين مفترقين، أصواتهم في نهاية الحسن، قد انتخبوا لذلك من البلاد؛ ثم يقوم الخطيب فيخطب، فأول شيء يقول:

الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة؛ من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا؛ أسال الله ربنا أن يجعلنا ممن يطيعه ويطيع رسوله، ويتبع رضوانه ويجتنب سخطه؛ فإنما نحن به وله ...

ثم يتعوذ ويقرأ سورة قاف من أولها إلى آخرها، ثم يجلس؛ فإذا قام إلى الخطبة الثانية قال:

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونتوكل عليه، ونبرأ من الحول والقوة إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين اتبعوه ففاتوا الأنام جِدًّا وعزمًا، وأنفدوا وسعهم في


١- الخوخة: كوة في البيت تؤدي إليه الضوء, أو باب صغير وسط باب كبير.
٢- حشم الرجل: خاصته من أهل, أو خدم، أو جيرة.

<<  <   >  >>