للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي خراب القيروان -على ما تقدم- يقول أبو عبد الله محمد بن أبي سعيد١ بن شرف الجذامي٢: من الطويل

ترى سيئات القيروان تعاظمت ... فجَلَّت عن الغفران, والله غافرُ! ٣

تراها أصيبت بالكبائر وحدها ... ألم تك قِدْمًا في البلاد الكبائرُ؟ ٤

بلاد المغرب

... فقسطنطينة آخر بلاد إفريقية، ما يلي البحر منها وما يلي الصحراء. وما بعد قسطنطينة فهو من المغرب غير إفريقية؛ فأول ذلك بليدة صغيرة قبلي بجاية في البر، تسمى مِيلة، بينها وبين بجاية ثلاث مراحل، ومن بجاية إلى قلعة بني حماد أربع مراحل؛ وهي أيضًا -أعني القلعة- قبلي بجاية.

طريق السُّفَّار من بجاية إلى مراكش

وها أنا أذكر طريق السفار من بجاية إلى مراكش؛ فمن بجاية إلى مدينة تلمسان عشرون مرحلة، وفيما بين ذلك بُلَيدات صغار كمليانة، ومازونة، ووهران -وقد ذكرناها في بلاد الساحل- وبين مدينة تلمسان وبين البحر أربعون ميلًا؛ وذلك يوم للمجد؛ ومن مدينة تلمسان إلى مدينة فاس عشر مراحل، سبع منها إلى المدينة التي تدعى رباط تازا، وثلاث إلى فاس؛ وقبلي مدينة تلمسان في الصحراء، مدينة سجلماسة، منها إلى تلمسان عشر مراحل؛ وهذه المدينة -أعني سجلماسة- متوسطة في الصحراء، مسافة ما بينها وبين تلمسان وفاس ومراكش، على حد سواء؛ فمن حيث قصدت إليها من أحد هذه البلاد، كان ذلك مسافة عشر مراحل.

التعريف بمدينة فاس

ومدينة فاس هذه هي حاضرة المغرب في وقتنا هذا، وموضع العلم منه؛ اجتمع فيها علم القيروان وعلم قرطبة؛ إذ كانت قرطبة حاضرة الأندلس، كما كانت القيروان حاضرة المغرب. فلما اضطرب أمر القيروان -كما ذكرنا- بعَيْثِ العرب فيها،


١- في مصادر أخرى: "محمد بن سعيد".
٢- هو كاتب، شاعر، مترسل. ولد في القيروان، وتوفي بإشبيلية سنة ٤٦٠ هـ/ ١٠٦٨م. "الأعلام، الزركلي: ١٣٨/٦".
٣- جلت: عظمت.
٤- الكبائر: الذنوب أو المعاصي الكبيرة؛ كالزنا، والقتل، وشرب الخمر، وغيرها.

<<  <   >  >>