قد تقدم أن البحرين: بحر الروم، وبحر أقيانس، يلتقيان بساحل سبتة؛ ثم يضيق الخليج وتتقارب العدوتان حتى ينتهي ذلك إلى قصر مصمودة من العدوة وجزيرة طريف من الأندلس، ثم يأخذ في السعة. وأول هذا الخليج مما يلي طنجة، الجبل الخارج في البحر الأعظم المعروف بطرف أَشْبَرْتال، وآخره الجبل الذي شرقي سبتة. فإذا عبرت إلى جزيرة الأندلس من سبتة، كان الذي تنزل به المدينة المعروفة بالجزيرة الخضراء؛ وإذا عبرت من قصر مصمودة وقعت إلى جزيرة طريف؛ فالمدينة المعروفة بالجزيرة الخضراء هي -في التحقيق- على ساحل البحر الرومي، وجزيرة طريف على ساحل البحر الأعظم؛ وبين الموضعين -أعني الخضراء وطريف- ثمانية عشر ميلاً.
وفي شرقي الجزيرة الخضراء الجبل المعروف بجبل الفتح، ويسمى أيضًا جبل طارق؛ وله طرف خارج في البحر يسمى طرف الفتح؛ وعنده يلتقي البحران بجزيرة الأندلس.
فهذا تلخيص التعريف بخبر مجاز الأندلس.
البلاد التي تغلب عليها النصارى إلى سنة ٦٢١
فأما ذكر مدنها فقد كانت فيها مدن كثيرة تغلب النصارى على أكثرها؛ فأنا ذاكر أسماء المدن التي بأيدي النصارى في وقتنا هذا، ومواضعها من الجزيرة من مشرق ومغرب، من غير تعرض إلى ما بينها من المسافات؛ إذ كان كون النصارى بها مانعًا من معرفة ذلك.
فأول المدن في الحد الجنوبي المشرقي على ساحل البحر الرومي: مدينة بَرْشَنونة، ثم مدينة طَرَّكُونة، ثم مدينة طَرْطُوشة؛ هذه البلاد التي على ساحل البحر الرومي المذكور؛ أعادها الله للمسلمين!.
والمدن التي على غير الساحل في هذا الحد المذكور: مدينة سَرَقُسطة، ولاردة، وأفراغة، وقلعة أيوب؛ هذه كلها يملكها صاحب برشنونة -لعنه الله- وهي الجهة التي تسمى أَرْغُن.
وفي الحد المتوسط ما بين الجنوب والمغرب من المدن: مدينة طليطلة، وكُوَنْكة، وأُفْلِيج، وطَلَبَيْرة، ومَكَّادة، ومَشْرِيط، ووَبْذَة، وأبلة، وشُقُوبية؛ هذه كلها يملكها الأدفنش -لعنه الله- وتسمى هذه الجهة قَشْتَال.
وتجاور هذه المملكة فيما يميل إلى الشمال قليلاً، مدن كثيرة أيضًا، وهي: