للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرق العين والظلماء عاكفة ... وَرْقاء قد شفها، أو شفني، حزنُ١

فبتُّ أشكو وتشكو فوق أَيْكَتها ... وبات يهفو ارتياحًا بيننا الغُصُنُ٢

يا هل أجالس أقوامًا أحبهم ... كنا وكانوا على عهد فقد ضَغِنُوا٣

أو تحفظون عهودًا لا أضيعها ... إن الكرام بحفظ العهد تُمتحنُ

ومنها:

إن كان عادكم عيد فرُبَّ فتًى ... بالشوق قد عاد من ذكراكم حَزَنُ٤

وأفردته الليالى من أَحِبَّته ... فبات ينشدها مما جنى الزمنُ:

بم التعلل لا أهل ولا وطن ... ولا نديم ولا كأس ولا سكن؟!

أبو بكر بن عَمَّار*

ومنهم الوزير أبو بكر محمد بن عمار٥، ذو النفس العصامية، والآداب الأهتمية؛ كان أحد الشعراء المجيدين على طريقة أبي القاسم محمد بن هانئ الأندلسي٦، وربما كان أحلى منزعًا منه في كثير من شعره. ولشعره ديوان يدور بين أيدي أهل الأندلس، ولم أُلْفِ أحدًا ممن أدركتْه سِنِّى من أهل الآداب الذين أخذت عنهم إلا رأيته مقدمًا له مؤثرًا لشعره، وربما تغالى بعضهم فشبهه بأبي الطيب، وهيهات!.

فمن قصائده المشهورة التي أجاد فيها ما أراد: قصيدته التي كتب بها من


١- أرق العين: منعها. عاكفة: مقيمة، ملازمة. ورقاء: حمامة. شفه الحزن: أنحله وأهزله.
٢- الأيكة: الشجر الكثيف الملتف. هفا الغصن: تحرك واضطرب.
٣- ضغن عليه: حقد وأبغضه بغضًا شديدًا.
٤- عاد الشيء فلانًا: أصابه مرة بعد أخرى، وعاد الشيء: أتاه مرة بعد أخرى. وعاد إليه وله وعليه: رجع, وارتد.
* ترجمته في: شذرات الذهب ٣٥٦/٣؛ المطرب من أشعار المغرب: ١٦٩؛ وفيات الأعيان: ٤٢٥/٤؛ الأعلام: ٣١٠/٦؛ معجم المؤلفين: ٧٤/١١؛ تاريخ الأدب العربي "فروخ": ٦٣٨/٤؛ هدية العارفين: ٧٤/٢.
٥- هو أبو بكر، محمد بن عمار بن الحسين بن عمار المَهْرِيّ، نسبة إلى مَهْرَة، وهي قبيلة عربية من قضاعة، ويقال له أيضًا: الشِّلْبي والأندلسي، ويلقب بذي الوزارتين.
٦- هو أبو القاسم، محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي: شاعر مجيد، كان عند المغاربة كالمتنبي عند المشارقة. توفي سنة ٣٦٢هـ/ ٩٧٣م. "شذرات الذهب، ابن العماد. ٤١/٣".

<<  <   >  >>