الجدار، فإذا هم قردة، فقالوا: أي عباد الله! قرودا - والله - تعاوي!
ففتحوا الباب، فعرفت القردة أنسابها من الإنس، ولا تعرف الإنس أنسابها من القردة، فجعلت القردة تأتي أنسابها من الإنس، فتشم ثيابه وتبكي، فيقول: ألم ننهكم؟ ! فتقول برأسها: نعم ".
قال قتادة: " صار شبابهم قرودا، والشيوخ خنازير، فما نجا إلا الذين نهوا، وهلك سائرهم ".
واختلف العلماء في الفرقة الذين قالوا:{لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ} ؛ أكانت من الناجية أم من الهالكة؟
فأما ابن عباس؛ فقال: " هم ثلاث فرق: الواعظة، والموعوظة، والذين قالوا:{لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا} ، فالواعظة نجوا، والموعوظة هلكوا، ولا أرى الآخرين ذُكروا، فيا ليت شعري! ما فعل بهم ونحن نرى أشياء ننكرها ولا نقول فيها شيئا؟ ! ".
قال عكرمة: " فقلت له: جعلني الله فداك! ألا تراهم كرهوا ما هم عليه، وخالفوهم، فقالوا:{لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ} ، فلم أزل به حتى عرفته أنهم نجوا، فكساني حلة ".
وأيضا فإن الواعظين قالوا لهم: انتهوا عن هذا العمل السيئ قبل أن ينزل بكم العذاب؛ فإنا قد علمنا أن الله منزل بكم بأسه إن لم تنتهوا. فقالت لهؤلاء الفرقة الأخرى:{لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} إذ علمتم أن الله معذبهم عذابا شديدا، فلا تعظوهم؛ فإن الله مهلكهم.
وقال جماعة من العلماء: بل هذا الفريق من الهالكين؛ لأنهم منعوا