ممن هو في عداد العلماء؛ علم أن هذه حكاية العوام والغوغاء.
ثم يقال لهم: بم تنفصلون ممن يعارضكم بشكل آخر من جنسه، فيقول لكم: إن قرطبة أعظم من القيروان، وهي دار العلم والخلافة - فقد فضلت القيروان بالخلافة -، ثم لم يعهد فيها قط خطبة ولا منبر ولا دعاء ولا اجتماع عند ختم القرآن في رمضان؟
فإن قيل: فهل يأثم فاعل ذلك؟
فالجواب أن يقال: أما إن كان ذلك على وجه السلامة من اللغط، ولم يكن إلا الرجال، أو الرجال والنساء منفردين بعضهم عن بعض، يستمعون الذكر، ولم تنتهك فيه شعائر الرحمن؛ فهذه البدعة التي كرهها مالك.
وأما إن كان على الوجه الذي يجري في هذا الزمان؛ من اختلاط الرجال والنساء، ومضامة أجسامهم، ومزاحمة من في قلبه مرض من أهل الريبة، ومعانقة بعضهم لبعض - كما حكي لنا أن رجلا وجد يطأ امرأة وهم وقوف في زحام الناس! وحكت لنا امرأة أن رجلا واقعها فما حال بينهما إلا الثياب! وأمثال ذلك من الفسق واللغط -؛ فهذا فسوق، فيفسق الذي يكون سببا لاجتماعهم.
فإن قيل: أليس روى عبد الرزاق في " التفسير ": " أن أنس بن مالك كان إذا أراد أن يختم القرآن جمع أهله "؟