قلنا: فهذا هو الحجة عليكم؛ فإنه كان يصلي في بيته، ويجمع أهله عند الختم، فأين هذا من نصبكم المنابر، وتلفيق الخطب على رؤوس الأشهاد، فيختلط الرجال والنساء والصبيان والغوغاء، وتكثر الزعقات والصياح، ويختلط الأمر، ويذهب بهاء الإسلام ووقار الإيمان؟ !
وأيضا؛ فإنه ما روي أنه دعا، وإنما جمع أهله فحسب.
وأيضا؛ فإن عمر سمع رجلا يقول: واحبذا صفرة ماء ذراعيها! لماء كانت قد توضأت به امرأة فبقي من أثر الزعفران، فعلاه بالدرة.
وروي أنه نهى أن يجلس الرجل في مجلس المرأة عقيب قيامها منه.
فكل من قال بأصل الذرائع؛ يلزمه القول بهذا الفرع، ومن أبى أصل الذرائع من العلماء؛ يلزمه إنكاره؛ لما يجري فيه من اختلاط الرجال والنساء.
١١ - فصل
في بيان الوجه الذي يدخل منه الفساد على عامة المسلمين
روى مسلم في " الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم؛ اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» .