للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرابع: أن الاحتراز عن الباطل واجب كإحقاق الحق، والحذر عن سبيل الغي حَتم واجب كاتباع سبيل الحق والهدى، فيجب علينا أن لا نستخدم دليلاً ولا نعمل عملا يعين أهل الباطل في طغيانهم أو يؤيدهم في ضلالهم أو ينفعهم في إظهار بواطلهم فإن الله تعالى يقول: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} . وقال عز اسمه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} . فينبغي لنا أن نراعي في فكرتنا في جانب النفي أيضا، فتكون فكرتنا مشتملة على نفي الباطل كاشتمالها على إثبات الحق.

الخامس: يجب الاحتراز كل الاحتراز عن فكرة تؤدي إلى قطع صلتنا بالكتاب أو السنة أو الصحابة أو ضعفها وعن عمل كذلك- والعياذ بالله- فإن الاعتصام والتمسك بالكتاب والسنة واجب على كل حال، ولا يمكن الاعتصام والتمسك بهما إلا باتباع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، كما أوضحناه من قبل، وما يؤدي إلى ضعف هذا الاعتصام والتمسك فباطل مهلك فضلا عما يؤدي إلى قطعه والعياذ بالله، قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله" والآيات الدالة على هذا الأصل العظيم والأحاديث المضيئة له كثيرة وحق إن قلنا: إن (الموطأ للإمام مالك) من ضروريات الدين.

السادس: لا نقبل فكراً أو حلا لمسألة ثبت كونه غير مرضي عند الله بالكتاب أو السنة أو قول الصحابة أو عملهم، قال الله تعالى في مدح الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين: {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} . فعلى المؤمن أن يبتغي رضوان الله تعالى شأنه، ويترك ما هو غير مرضي عنده عز اسمه، مثاله الاستعانة بما تمنح الدول الكافرة باسم العون على الرقي في المعاش وإصلاحه، فإن أخذه يؤدي إلى مفاسد كثيرة كالميل إلى الدولة المانحة في مسلكها السياسي وإن كان باطلاً وغير ذلك من المفاسد، ولاشك أن هذه الاستعانة غير مرضية عند الرب سبحانه وتعالى بالنظر إلى ما تؤدى إليه. فينبغي للمؤمن أن يحترز عن هذا القسم من المقدمات إذا تفكر في تدبير أمر أو إنجاح حاجة من الحوائج القومية.

السابع: لا ينبغي أن تكون مقدمات فكرتنا مبنية على مجرد الميل والرغبة إلى أمر أو عن أمر بل لابد أن تكون ناشئة عن الفهم السليم والحكمة، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} . (سورة البقرة) ، وهذه الأصول هي أجزاء (الفكرة السنية النفسية) ، والفكرة التي تراعى فيها هذه الأصول وتكون على طبقها تسمى ب (الفكرة السنية) ، وهي متروكة في حياتنا الاجتماعية منذ قرون، على الغالب وتركها هو سبب زوال

<<  <   >  >>