المراد بها المنهاج الذي يجب أن يتبعه المؤمن إذا تفكر في المسائل التي لا دخل لها بالذات في سعادة النفس وشقائها وظاهر أنها المسائل المتعلقة بعالم الخلق والأمور التكوينية، وإنما نذكر في السطور الآتية الأصول التي علمنا القرآن الحكيم وسنة النبي الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم واتبعتها الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين للتفكر في عالم الخلق والأمور التكوينية واتباع تلك الأصول والضوابط في التفكر في الأمور المذكورة هي التي نسميها ب (الفكرة السنية الطبيعية) . وسيرى القارئ أن لتلك الأصول والضوابط شأنا تمتاز به عن غيرها، فمعرفتها نفسها تغني عن بيان الفرق بينها وبين الفكرة الخاطئة التي يتبعها الذين لا يؤمنون بالله العظيم وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فلا حاجة إلى صرف القلم في بيان الفرق بينهما، فنعطف عنان القلم إلى بيان الأصول في السطور الآتية، واسأل القرآن الحكيم عن هذا الأمر ستجد جوابه، قال الله تعالى جل شأنه:
إن إيماننا بالقرآن العظيم يقتضي أن نسأله عن هذه المسألة، فسألناه فأجاب، فإن هذه الآيات المقدسة الحكيمة تدل دلالة واضحة على الأصول التي اتباعها واجب على كل مسلم يريد أن يتفكر في عالم الخلق أي الكائنات وهي هذه:
الأصل الأول:
إن نظر المؤمن إلى الكائنات يجب أن يكون نظر عبد مخلوق لله تعالى، إلى عبد مخلوق لله الخلاق الحكيم، سواء كانت النظرة نظرة الرياضي أو نظرة الطبيعي أو غير ذلك، فلا ينظر المؤمن إلى السموات والأرض والنجوم أو شيء آخر من حيث هي موجودات مع قطع النظر عن موجده، بل ينظر إليها من حيث أنها وجدت بعد العدم بإيجاد الله البديع الحكيم وإبداعه، والإشارة بهذا إلى أن فكرة المؤمن في الكائنات فكرة موضوعية subjective وليست بفكرة معروضية objective واضحة.