ولزيادة التنوير نورد أمثلة للفكرة السنية النفسية في الأمور الاجتماعية:
المثال الأول: نفرض أن دولة من دول المسلمين تفكرت في مسألة تعليم العلوم الحديثة، لكنها لم تتبع (الفكرة السنية) إذاً تجعل الدنيا غاية فكرها وجهدها وتكون فكرتها فكرة أوروبا وأمريكية، وتختار ما اختار أهلها من الرغبة عن الدين، والميل إلى الفسق والفجور، واتخاذ سبيل الغي في النظام التعليمي ومناهجه كرفع حجاب الطالبات وأمثالها من الأمور المخالفة للشريعة المقدسة، وكذلك لا تبالي هذه الدولة بتسليط أهل الضلالة كالشيعة والمرزائين وغيرهما من الضالين على الإدارات التعليمية ونظمها.
وأما إذا كانت فكرتها (الفكرة السنّية) فتكون غاية فكرها وجهدها ومرام سعيها من إشاعة العلم هي إعلاء كلمة الله ومنافع الآخرة وترويج الخير في العالم.
وتكون الغاية هي إرضاء الله تعالى شأنه، أما المنافع الدنيوية فتكون مقصودة تبعا للمنافع الدينية، فتتخذ سبيل الرشد سبيلا إلى مرامها، وتحترز كل الاحتراز عما نهى عنه الشرع الشريف، ولا تجترئ بتسليط أهل الضلال وأعداء الإسلام من المنافقين والمجاهرين بالكفر على الإدارات التعليمية.
المثال الثاني: فرضنا أن أرباب الحل والعقد لمملكة مسلمة يريدون أن يضعوا دستوراً لمملكتهم فيلجأون إلى الكتاب والسنة وعمل الصحابة ومشاورة الفقهاء، ولا يلتفتون إلى ما يتفوه به أهل أوربا وأمريكا وغيرهما من الذين لا يتبعون الإسلام، لأن الفكرة السنّية النفسية ترشدهم إلى تلك المآخذ والمنابع، وتصدهم عن النظر إلى غيرها، ويصرحون في الدستور بأن مملكتهم هي مملكة إسلامية سنّية قائمة على منهاج الخلافة الراشدة، وغاية وجودها هي إجراء الأحكام الشرعية وحفظها والدعوة إليها ونصرتها، والرقي الديني والدنيوي لأهل الإسلام بحيث تكون دنياهم تابعة لدينهم، ثم أنهم لا يغفلون عن الأغيار