إن الله العليم الحكيم خلق الإنسان وأعطاه القوة الفكرية، وهذا العطاء عام للمؤمن والكافر والتقي والفاجر، فإنه لا فرق بينهما في نفس القوى الذهنية والاستعداد للتفكر والتأمل والنظر، أما ما يميز المؤمن من غير المؤمن من هذه الناحية فأمران:(الوجهة الفكرية) و (المنهاج الفكري) ونقدم تنوير الوجهة الفكرية:
الحركة الإرادية لابد لها من هدف ومقصد تسكن المتحرك إذا وصل إليه، فلابد للحركة الفكرية من هدف ومقصد تنتهي إليه ويسكن الذهن إذا وصل إليه، فإرادة مقصد وهدف هي التي نسميها ب (الوجهة الفكرية) . وينقسم الفكر إلى قسمين باعتبار المقصد والهدف:
الأول: ما أريد به حصول معلوم جديد فحسب.
الثاني: ما قصد به الانتفاع والاستفادة بمعلوم جديد كما قصد به حصوله.
فالوجهة الفكرية على نوعين: أي الوجهة إلى العلم للعلم، والوجهة إلى العلم والانتفاع به، مثال الأول: الوجهة الفكرية لعالم الفلكيات المولع بها في كثير من تفكراته في مسائلها فإنه يجتهد ويتفكر ليعلم أن الكواكب كذا مثلا ما شأنه؟ ما هي أحواله الطبيعية؟ هل فيها جبال ووهاد؟ وما هو بعده من الشمس؟ إلى غير ذلك من العلوم التي لا تفيد العالم بها شيئاً إلا أنها تعد فوائد في أنفسها لأنها جديدة لم تكن حاصلة له قبل التفكر، وتتنوع