نعم تعليم الميزان الفكري يناسب شأن الأنبياء والمرسلين، وحقيقة إنهم
رفعوا الحجاب عن وجه هذا الميزان وأمروا متبعيهم باتباعه كما سيتضح إن شاء الله تعالى.
٣- وقال الله عز اسمه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(سورة الحديد) . إن معنى النور ما هو ظاهر بنفسه مظهر لغيره، والمراد بالنور ههنا هو نور الإيمان، فالآية تدل على أن المؤمن يمشي بنور الإيمان ويهتدي به، وبديهي أنه لم يرد ممشاه المادي بل المراد هو ممشاه الفكري وأن المؤمن يهتدي وينبغي له أن يهتدي بإيمانه في تفكره ويهدي به غيره، وذلك بأن النور المذكور ينور منهاج تفكره، ويعينه على التميز بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ، إن الآيات المتلوة قريباً تدل دلالة واضحة على أن الإسلام يهدي إلى منهاج خاص للتفكر، ويطالبنا باتباعه ومعرفة هذه الحقيقة توردنا أمام السؤال عن نوعية ذلك المنهاج وكيفيته، فلنشرع في إجابة هذا السؤال وهو المقصود بالبيان في هذه المقالة الوجيزة:
قد أسلفنا أن الفكرة على قسمين: الفكرة الطبيعية، والفكرة النفسية، ولهما منهاجان مختلفان لكونهما نوعين مختلفين من التفكر، فينبغي أن نلقي الضوء على كل واحد منهما على حدة بعد الكشف عن وجه القسم.